تسارعت المخاطر على العالم في العقود الأخيرة من القرن الماضي وأوائل عقود القرن الحالي، وفي العقود الخمسة الماضية، كان هناك: “الانفجار السكاني، نقصان المصادر الطبيعية والمعادن، التلوث البيئي، واحتمال وقوع حرب نووية. أما اليوم فقد ازدادت المخاطر؛ فمع التطور الهائل في مستوى التكنولوجيا وتطبيقاتها الهائلة، تحوّل الأمر إلى أخطار أخرى كثيرة؛ روبوتات سيصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها بالتفوق على العقول البشر، بخاصة مع قدرات الذكاء الاصطناعي، أو فيروسات حاسوبية مدمرة توقف الإنترنت عن العمل”.
يعمل الذكاء الاصطناعي على خدمة البشرية في الكثير من مجالات حياتهم بشكل إيجابي أو سلبي؛ حيث يسمح الذكاء الاصطناعي للكمبيوتر بالتعامل والاستجابة كما لو كان إنسانًا. ويمكن تزويد أجهزة الكمبيوتر بكميات هائلة من المعلومات وتدريبها على التعرف على تلك المعلومات الموجودة فيها، من أجل التنبؤ، وحل المشكلات، وحتى التعلم من أخطائها. وأثره السلبي أو الإيجابي لا يتوقف عند الدول النامية بل يصل حتى إلى الدول المتقدمة. فقد أشار “بيل جيتس” بأن الذكاء الاصطناعي هو أهم تقدم تكنولوجي منذ عقود.
وقد استقال جيفري هينتون، أحد الآباء الروحيين للذكاء الاصطناعي، من وظيفته في شركة جوجل، محذرًا من أن روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي قد تصبح قريبًا أكثر ذكاءً من البشر. كما نشر مركز سلامة الذكاء الاصطناعي في أمريكا بيانًا دعمه الكثير من كبار المتخصصين في مجال التكنولوجيا بأنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد معلومات مضللة يمكن أن تزعزع استقرار المجتمع. كما يمكن للآلات أن تصبح ذكية جدًا لدرجة أنها ستتولى زمام الأمور، مما يؤدي إلى انقراض البشرية.
وتقول مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي “مارغريت فيستاجر”: إن هناك حاجة إلى “حواجز حماية” لمواجهة أكبر المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي.
لقد صوت أعضاء البرلمان الأوروبي لاحقًا لصالح قانون الذكاء الاصطناعي الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي، والذي سيضع إطارًا قانونيًا صارمًا للذكاء الاصطناعي، والذي يتعين على الشركات اتباعه، وتتصارع الحكومات في المجتمع الدولي حول كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي. كما أن بعضهم يطالب بتنظيم الذكاء الاصطناعي وأنه يجب أن يكون “شأنًا عالميًا”، ويريد بناء إجماع بين الدول “ذات التفكير المماثل”. لأنه من المحتمل أن يكون الذكاء الاصطناعي خطيرًا جدًا، ولكن يمكن تخفيف هذه المخاطر من خلال تنفيذ اللوائح القانونية وتوجيه تطوير الذكاء الاصطناعي من خلال التفكير الذي يتمحور حول الإنسان.
وقد دخل علينا الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب حياتنا في كل المجالات، في أجهزة الهواتف الذكية، في الأجهزة المنزلية، في التلفزيونات، في الأسلحة، وأيضًا في السيارات الذكية، التي يفترض أن تنتشر قريبًا في شوارع مدننا خلال 5 سنوات. ويرى بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان تمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتي، من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.
بعض مخاطر الذكاء الاصطناعي:
1. الافتقار إلى شفافية الذكاء الاصطناعي وقابلية الشرح قد يكون من الصعب فهم نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق، حتى بالنسبة لأولئك الذين يعملون مباشرة مع التكنولوجيا.
2. فقدان الوظائف بسبب أتمتة الذكاء الاصطناعي تعد أتمتة الوظائف المدعومة بالذكاء الاصطناعي مصدر قلق ملح؛ حيث يتم اعتماد التكنولوجيا في صناعات مثل التسويق والتصنيع والرعاية الصحية.
3. التلاعب الاجتماعي من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي؛ حيث يعتمد السياسيون على المنصات للترويج لوجهات نظرهم والتلاعب بعقول الناس.
4. المراقبة الاجتماعية بتقنية الذكاء الاصطناعي كالتعرف على الوجوه، وتتبع تحركات الشخص.
5. الافتقار إلى خصوصية البيانات باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لجمع المعلومات عن أسرار الناس كسرقة البيانات الشخصية.
6. الأسلحة المستقلة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بتسخير التقدم التكنولوجي لأغراض الحرب.
7- الاحتيال الأوتوماتيكي، أو إنشاء حسابات بريد إلكتروني مزيفة، ومواقع إلكترونية، وروابط إلكترونية لسرقة المعلومات.
8- عمليات اختراق أسرع من خلال الكشف الآلي عن البرمجيات التي يمكن اختراقها.
9- خداع نظام الذكاء الاصطناعي من خلال استغلال الثغرات التي يرى الذكاء الاصطناعي من خلالها العالم.
10. إضعاف الأخلاقيات وحسن النية بسبب الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي.
11. فقدان الوظائف بسبب الأتمتة.
12. التزييف العميق للشخصيات بالصوت والصورة.
13. انتهاكات الخصوصية، اختراق الحسابات، وتقليد الأصوات الشخصية للشخص، سرقة الأرقام السرية للشخص.
14. إمكانية تجريد الشخص من الملابس.
15-الاحتيال الإلكتروني، بإنشاء حسابات بريد إلكتروني مزيفة، ومواقع إلكترونية، وروابط إلكترونية لسرقة المعلومات.
16-عمليات اختراق أسرع من خلال الكشف الآلي عن البرمجيات التي يمكن اختراقها.
17-قيام الذكاء الاصطناعي باستغلال الثغرات التي يرى الذكاء الاصطناعي من خلالها العالم.
18-استغلاله للدعايات السياسية المغرضة، من خلال الإنتاج التلقائي للصور ومقاطع الفيديو المزيفة.
19- قيامه بالإزالة التلقائية لكل ما هو معارض، من خلال العثور التلقائي على النصوص والصور المعارضة لسياسات بعض الأنظمة وإزالتها.
20- ممارسة الإقناع الشخصي؛ حيث يمكن استغلال المعلومات المتوفرة للعموم لاستهداف شخص بذاته والتأثير على رأيه.
ومع كثرة المخاطر لم يتم الاستسلام لها، فالباحثون يعملون منذ الآن على وضع بعض الحلول الممكنة للحد منها.
– عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى