سؤال مُجرد
كنتُ قد كتبت الأسبوع الماضي في هذه الزاوية، عن جماهير الأندية السعودية وكم هم رائعون، ويستحقون الاحترام والتقدير على كل ما يقدمونه لأنديتهم، بصرف النظر عن حجم المدرج وطريقة حضوره لكل نادٍ، وتحدثت عن جمهور النادي الأهلي وكيف أنه كان حالة استثنائية في المباراة الافتتاحية للموسم، التي جمعت بين فريقي الأهلي والحزم، وكيف قدَّم نموذجًا إبداعيًا وملهمًا في المدرجات، ولكنني فوجئت كما فوجئ كل المتابعين للمشهد الرياضي السعودي في الجولة الثالثة، بقرار منع جمهور الأهلي من استخدام الألعاب النارية والدخانية وإحضار الأعلام الكبيرة والميكرفونات في مباراته مع الأخدود، في الوقت الذي كان جمهور الهلال والاتحاد الذين حضروا لتشجيع أنديتهم في نفس توقيت مباراة الأهلي، استخدموا الألعاب النارية والدخانية، وأحضروا الأعلام الكبيرة والميكروفونات دون أن يمنعهم أحد!
ناهيكم عن مشكلات التذاكر وعدم القدرة على الحصول عليها بسهولة؛ حتى أصبحت تُباع في السوق السوداء بأرقام مبالغ فيها، وكذلك سوء التنظيم عند دخول الجمهور إلى استاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة.
من المسؤول عن التضييق على جمهور النادي الأهلي؟ ولماذا الكيل بمكيالين بينه وبين جماهير الأندية الأخرى؟ لا بد من فتح تحقيق حول المتسبب بذلك، ولا بد من تدخل وزارة الرياضة؛ للحيلولة دون الوجود والبقاء لأشخاص متعصبين ويقودهم الميول لمخالفة الأنظمة، فيشوهون بذلك كل الجهود التي تبذلها الدولة لدعم الرياضة السعودية.
الدوري السعودي الآن أصبح مُشاهدًا عالميًا بعد استقطاب أبرز نجوم العالم من دوريات أوروبا وأمريكا الجنوبية، والدوري لن يكون له الوهج المطلوب ما لم تكن مدرجات جميع الأندية في جميع ملاعبنا واجهة حقيقية لرياضتنا، وتنقل رسالة واضحة للعالم بأن لدينا في المملكة العربية السعودية ثقافة رياضية حقيقية وشغفًا كبيرًا، وأن بلادنا هي البيئة الأنسب لاحتضان أقوى دوري في العالم أو على الأقل ضمن أقوى خمس دوريات عالمية.
وهذا كما نعلم جميعًا، أحد أهم مستهدفات مشروع القوى الناعمة السعودية التي يستهدفها مشروع الشراكات والخصخصة للأندية الرياضية السعودية، ضمن رؤية أميرنا الملهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء (يحفظه الله).
هذا المشروع الوطني العالمي الضخم، لا بد أن يواكبه عدالة منافسة بين جميع أندية الدوري والكأس والسوبر، ولا بد أن تتسم كل تفاصيل المشهد الرياضي بالشفافية والنزاهة، ولا بد أن يمنح جماهير كل الأندية نفس الفرص للتعبير عن عشقهم لأنديتهم بذات القدر، ولا بد أن يتطور التحكيم الرياضي المحلي ليواكب هذه النقلة النوعية، ولا بد أن تتطور عملية النقل التلفزيوني وأن تركز على جمالية المدرجات إضافة إلى اللقطات المتنوعة للمباراة بتقنيات عالمية نحن نملكها ولكن نحتاج لتطوير من يعملون عليها، ولا بد من أن تتطور البرامج الرياضة بعيدًا عن تعصب بعض مقدميها وانتقاء الضيوف والمحللين يكونون واجهة مشرفة للرياضة السعودية، وليس بضيوف يسقطون على الكيانات والأشخاص، ويسيئون للوطن قبل أن يسيئون للأندية، ويبحثون عن الترند السخيف، نحن أمام تحدٍ حقيقي لإظهار وطننا بالصورة المشرقة التي تبذل قيادتنا الرشيدة – يحفظها الله – الغالي والنفيس لتحقيقها، ولا بد من تغليظ العقوبات على كل من يُسيء لهذه الرؤية العظيمة ولهذا المشروع الكبير لتطوير الرياضة السعودية، وللأسف الشديد كل هذه الممارسات التي تصدر عن البعض رغم أنها مكشوفة إلا أنها ما زالت مستمرة.. متى تتوقف نهائيًا؟
كما أتمنى أن تتبنى وزارة الإعلام، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، إنتاج برامج رياضية باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، ليشاهدنا العالم كما نريد له نحن أن يشاهدنا ونقدم له ثقافتنا وهويتنا ورسالتنا لكل العالم كما نريد نحن أن نقدمها، هذه أعظم فرصة ولا بد أن نستغلها جيدًا، وإن كان يصعب عمل ذلك على الأقل التعاقد مع برامج رياضية عالمية شهيرة للقدوم إلى المملكة، وبث عدد كبير من حلقاتها من داخل السعودية، وتطعيمها بفقرات عن السياحة في المملكة وعن ثقافتنا وتراثنا وآثارنا، وأن لا نكتفي بأن تنقل قنوات عالمية مبارياتنا فقط.
إن مستهدفات رؤية سمو ولي العهد أكبر من ذلك بكثير ولا بد لكافة الوزارات والجهات ذات العلاقة أن تُسابق الزمن لمواكبتها، والأمل معقود بعد الله على وزارة الرياضة للعمل على ذلك وثقتنا بسمو الوزير وفريق عمله كبيرة بإذن الله.