البعض يشعرُ بالملل في حياته الزوجية بعد مرور عدة أعوام لا سيما إذا رُزق بأبناء، وانصراف جزء كبير من اهتمام زوجته نحو الأبناء والارتباطات المُتعلقة بهم، والميل القلبي الأمومي نحو إغداق الأبناء بشتى صور الحب والاهتمام؛ ليبقى ذاك الرجل قابعًا لوحده يُصارع رغباته التي لطالما باح بها دون جدوى؛ فتلك الزوجة الأم لا تجد مساحة من العطاء إلا القليل لتقدمه بعد كل نوبة نقاش محتدم بينهما؛ لتتقي بها شر ذاك الزوج المُرهق بطلباته ونزواته الزوجية.
وتبدأ حلقات من الابتعاد، وتتسلل الرغبة بالاكتفاء لروحيهما؛ فيسود جفاف عاطفي يكاد يقتلع آخر جذور البقاء في كنف الأسرة.
فيفقدا القدرة على التواصل الجيّد، والتعبير عن عواطفهم واحتياجاتهم الفطرية، وتتلاشى آمال البحث عن طريقة تساعدهما على التفهم والتفاهم.
ربما هي أنانية ذكورية من بعض الأزواج إن لم تجد الاحتواء سينشغل قلبه بأفكار لا يرغبها لكن حالة عدم الاستقرار تستحضر كل ذلك؛ فيعتقد ذلك الزوج جازمًا بأن البحث عن أخرى أصبح حتمًا مقضيًا.
وتتوالى الأفكار والرغبات، وتتصارع في جوفه محدثة لضجيج فكري يسمعه كل الثقلين إلا تلك الزوجة العزيزة التي تراه ذلك الرجل المُخلص الذي لن يفرط بها مهما عاثت به الأفكار.
فتستيقظ يومًا ما وفي مكانٍ ما على واقع آخر صنعته هي بتجاهلها واستحقارها لرغباته الجميلة التي لم تجد أحضانًا دافئة تُهدئ من عنفوانه وصنعه هو أيضًا عدم تفهمه لاحتياجات زوجته.
لكل رجل عدة أوجه تظهر في كل حين، والزوجة الذكية هي من تملك القدرة بأن تحصل على الوجه الذي يتلاءم معها من تلك الأوجه؛ لتستمتع بحياة زوجية مبهجة.
ربما يرى البعض أنني متحامل على المرأة، وهذا مجانب للصواب بل إنني أرى في المرأة الذكية والواعية القدرة على صناعة رجل بكل الامتيازات التي ترغبها.
الحياة الزوجية تشاركية فإن لم يخلص أحدهما للآخر ستبدأ اولى حلقات الابتعاد والتصادم القسري عند كل ناصية قدر، وتتوالى عرض الصور الباهتة لتلك العلاقة المسمومة التي ستتجه بلا شك نحو الطريق المنحدرة، وتفترق الطرق بهما لتضيع معهما الاتجاهات الأربعة.
الزواج ميثاق والتزام وعهد؛ فإن أخلّ أحدهما بذلك ستهب رياح الافتراق؛ لتعصف بسفينة تلك الأسرة الآمنة.
حقيقة قد يعلمها الكثير لكنه يقع فيها، وهي أن العناد وغياب الاحتواء والتفهم ثالوث خطير، سيعصف بكل شيء جميل جمع بين أي زوجين.
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم :21)
0