المقالات

“العواد” وكفاحه لتمكين المرأة

لو أننا تأملنا وتعمقنا في طبيعة فكر الأستاذ/ محمد حسن عواد وأعدنا قراءة آثاره الأدبية والشعرية قراءة أنثروبولوجية جديدة، لاتضح لنا، أسباب بحثه عن التجديد والاختلاف، ونقده الدائم لكل ما هو على نمط تقليدي في الفكر والسلوك والحياة. فقد سلك الأستاذ/ العواد منذ بداية حياته في الإبداع الطريق الصعب، وقد كلفه ذلك الكثير، وهذا ما يفسر كثرة الخصوم من حوله، وله الكثير من المعارك الأدبية قديمها وحديثها، وهو ما يُوضح هذه الحقيقة.
واهتمام العواد بالمرأة وتعاطفه معها، كان نتيجة أنه عاش محرومًا من الحب ونتيجة الفراغ العاطفي الذي عاناه منذ طفولته، كانت سعادته الحقيقية تتجسّد في اهتمامه بابنته الوحيدة “نجاة”، التي توفيت عام 2013م، وهو ما يؤكد لنا أنه عاش محرومًا من الحب، واهتمامه بالمرأة، كان مبعثه الفراغ العاطفي الذي عاشه في حياته، وهذا ما يفسر لي اهتمامه وتعاطفه مع معجباته وتلميذاته من الجنس العطوف، كما يحلو له تسميتهن، كما أنه وجد السعادة في تصحيح إنتاجهن ومحاولاتهن الشعرية والنثرية، حتى وإن اضطر لإعادة صياغة النصوص بطريقته، وقد تعجبت لما وجدته من تصحيحات وإضافات على مسودة قصة عائشة زاهر (بسمات من بحيرة الدموع)، كما أنه دافع بشراسة لطبعها ضمن إصدارات النادي كأول عمل لأديبة مبتدئة، وإن كان العمل يؤكد موهبة الكاتبة كمشروع لقاصة مبتدئة.
ذكرت في كل طرح كان لي عن الأستاذ/ العواد أن الخلاف الذي كان بينه وبين الأستاذ/ القرشي، تمثل في شاعرية ثريا قابل، كما أن كتابي القادم (في صحبة عبقري حالم) يتضمن الكثير مما لم يُكتب عن الأستاذ العواد.
الأستاذ العواد كان حقًا عاشقًا وهو في الثمانين وإيمانه بقضايا المرأة، جعله يصر على ضرورة رفع القيود عن إبداع المرأة ومنحها حقوقها الاجتماعية التي صرح بها في خواطره، ومنح ما تكتبه كل الاستثناءات، وقد ربح العواد رهانه وأثمر تشجيعه وتبنيه للكثير من الأسماء التي برز أغلبهن وحققن النجاح والتفوق في تجاربهن الإبداعية، ومن بين تلك الأسماء: فوزية أبو خالد، خيرية السقاف، أشجان هندي، ثريا قابل، نورة خالد السعد، فاطمة حناوي وسميرة لاري -رحمها الله-. لهذا أكدت الدكتورة فوزية أبوخالد أن موقف العواد من قضايا المرأة، موقف وطني، ملتزم ومتقدم على زمن ذوات الخدر والخمار وسقاية الحجيج، وقد أدركت المرأة أن حلقة الخلخال، وإن كانت من ذهب هي بعض قيدها.
كان شاعرنا المجدد العواد، من أهم أعلام النهضة الحديثة في أدبنا وأحد رواد نهضة التجديد، والحداثة فيه، وهو الذي أيقن أن المتغيرات تعبر عن قلق الأديب، وتحدد أفكاره وتصل به لمفاهيم المضامين والمعاني.
لقد كان الأستاذ العواد أول من تنبأ بمستقبل المرأة وتمكينها، والدعوة للعناية بها وبمواهبها ومنحها الفرصة للمشاركة في بناء الوطن وتبوأ المناصب، وفي خواطره المصرحة تصور ما سيكون عليه مستقبل المرأة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى