إن العمل هو غاية من غايات الإنسان، وأمر جليل يعيش الشخص من أجله ويبذل جهده لتحقيقه، وللعمل أهمية عظيمة في حياة الإنسان تؤدي إلى تغيير عاداته وشخصيته ومسار حياته كليًا، وتم تعريف العمل على أنه النشاط الذي يعتمد على بذل الجهد من أجل الحصول على المال.
وللدلالة على أهمية العمل؛ ورد عن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال:” إني لأرى الرجل فيعجبني، فإذا سألت عنه فقيل لا حرفة له، سقط من عيني”.
والعمل هو من أكثر الأمور الإيجابية التي تعود على حياة الإنسان بالعديد من الفوائد، من أهمها زيادة الخبرة، والتطور الشخصي، الذي من شأنه تنمية المسار الوظيفي وتحقيق الكفاءة في العمل، وبناء الشخصية، والمساعدة في الاندماج مع المجتمع، وكذلك تأسيس العلاقات مع الآخرين، إضافةً إلى العديد من الفوائد البدنية والمعرفية والعقلية، من خلال التقليل من خطر الإصابة بالاكتئاب والسأم؛ كما قال الأديب والفيلسوف الفرنسي “فولتير: “إن العمل يبعد عن الإنسان ثلاثة شرور؛ السأم والرذيلة والحاجة.
لا يزال في الذاكرة أسماء الكثير من أبناء مكة المكرمة وأنواع الحرف والمهن التي كانوا يقومون بها، كنا نشاهدهم ونحن في مرحلة ما قبل التمييز في شارع حمزة بن عبد المطلب بالقُرب من المسجد الحرام.
شخصيًا عملت في مقهى الوالد -رحمه الله- شارع إبراهيم الخليل بائعًا للفول وأنا ابن السابعة من عمري، ومطوفًا للحجاج والمعتمرين وأنا في المرحلة المتوسطة، وسائقًا لباص توصيل الحجاج لمدن الحج وأنا في المرحلة الثانوية، وفي بيع وشراء وتأجير العقار وأنا في المرحلة الجامعية، من كل ذلك أكتسب الكثير من الخبرات -ولله الحمد والمنة- التي كانت عونًا لي بعد الله في مسيرتي العملية والعلمية، لقد أيقنت تمامًا أن العمل بإخلاص وصدق يُمهد الطريق للنجاح وكسب ثقة الناس، ولم يكن كل ذلك عائقًا لي في إكمال مسيرتي العلمية بنجاح، فكنت -ولله الحمد- الأول على دفعتي في البكالوريوس، وحصلت على الماجستير بتفوق، كأول طالب يحصل على الماجستير في الإحصاء الرياضي من قسم الإحصاء بكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وبتوفيق الله سبحانه ثم بدعاء والدي -رحمه الله- ووالدتي الحبيبة -حفظها الله- بصحة وعافية أكملت دراسة الدكتوراة في الإحصاء التطبيقي من جامعة ويلز ببريطانيا بنجاح ولله الحمد.
ليس الهدف من كتابة المقال أن يتخذ الشباب نفس الأسلوب، والقيام بنفس الأعمال، فالمثل الشعبي يقول:” لكل وقت آذان”، ولكن الهدف هو بيان خبرات وتجارب قد يستفيد منها الشباب، خاصة وبلادنا العزيزة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين -يحفظهم الله- مقبلة بعزم وحزم نحو نهضة حضارية وتنموية كبيرة وفي كل المجالات، وهذه تحتاج للكثير من الشباب السعودي الجاد والمجتهد ليُساهم في هذه النهضة المباركة.
0