حوار | آمال محمد
تشهد الفترة الأخيرة دورا فعالا للمرأة في قيادة المجتمع ومشاطرتها للرجال في كافة مجالات الحياة، وهو ما تركز عليه رؤية المملكة ٢٠٣٠، لذلك تحرص “مكة” الالكترونية على إلقاء الضوء على النماذج النسائية المميزة، وعلى رأسهن الدكتورة أسماء الزهراني الأستاذ المساعد في الأدب، لنبحر معها في بحر ما تملكه من خبرات متراكمة ومعلومات قيمة، وتكشف للقارئ عن زوايا مختلفة في موهبتها الشعرية وعشق الكتابة وسيرتها العلمية والعملية والاجتماعية، عبر الحوار التالي:
في البداية.. هل يمكن أن تعرفي القراء على شخصك الكريم؟
– أسماء بنت صالح الزهراني أستاذ مساعد الأدب والنقد، شاعرة مقلة، وكاتبة، وأم لعبد العزيز والشيماء.
كيف كان مولدك ونشأتك وحياة الطفولة؟
– ولدت بمدينة جدة، ونشأت بها، في كنف رجل نبيل والدي رحمه الله، وأم رؤوم تعشق التميز رحمها الله، وغرست هذا العشق في نفوسنا جميعا، طفولتي هادئة، شغوفة بالمعرفة، في سن مبكر احتضن والدي ذلك الشغف وشجعه ورعاه حتى انتقل من الهواية إلى التماهي مع الذات.
هل تعطينا نبذة عن سيرتك العلمية ومسيرتك العملية؟
– سيرة متواضعة، يوجهها تخصصي في بحور اللغة والأدب، ابتداء من التخصص الجامعي في اللغة العربية وآدابها، مرورا بالماجستير في النقد القديم، وليس انتهاء بالدكتوراه في الأدب والنقد الحديثين، ثم مسيرة في العمل الأكاديمي المعزز بالبحث العلمي، ومن العمل في السياق الأكاديمي إلى انتسابي لعضوية مجلس الشورى السعودي في دورته السابعة، ثم العودة للعمل الأكاديمي حتى الآن.
ما هي أبرز المحطات في حياتك؟
– كانت المحطة الأولى التي أشعلت طموحي ووسمت أحلامي، هي إطلاع والدي رحمه الله على أول كتاباتي، وتقليبه دفتري الصغير في المرحلة المتوسطة، والثانوية، وطلبه مني أن أنشر تلك القصاصات باسمي الصريح، وليس باسم مستعار كما هو متداول في تلك الفترة، وتلك كانت صياغة ذاتي لأول مرة.
والمحطة الثانية رحلتي للدراسات العليا لمقر جامعة الملك سعود بالرياض، واستقراري في السكن الجامعي، كانت سنوات الإقامة في السكن الجامعي بما يعنيه من اغتراب، كانت تلك صياغة لاستقلالي العقلي، ونضوج فكري ووجداني، وجه اهتماماتي وضاعف فضولي للمعرفة وعزز الرغبة في تشارك تلك المعرفة مع الآخر، وأعني بذلك انخراطي في الكتابة للصحف، في مجال الرأي ونشر أعمالي الأدبية في الصحف والمجلات المتخصصة.
ثالث المحطات كانت ترشيحي للعمل في مجلس الشورى، حيث عزز هذا العمل استقلالي الفكري، وانخراطي في العمل الاجتماعي، خدمة للوطن ومشاركة في نضوج التجربة النسائية في خدمة الوطن من مواقع مساهمة في دوائر اتخاذ القرار.
ماهي أقرب هذه المحطات إلى قلبك؟ ولماذا؟
– المحطة الأولى هي الأقرب لقلبي، حيث علاقتي المعرفية مع والدي -رحمه الله- صاغت ذاتي وشكلت مسيرتي مبكرا، هواياتي ومواهبي وانخراطي في تشكيل ذاتي.
ما هي أبرز العقبات التي واجهتك في حياتك؟ وكيف تغلبتي عليها؟
– مثل الجميع واجهت صعوبات كثيرة، أهمها فجيعة وفاة والدتي في مرحلة كنت أحوج ما أكون لمحبتها واحتضانها، تجربتي في الزواج والأمومة، وتلك عقبة لم ولن أستطيع تخطيها، بل تأقلمت مع حزني وأصبح ظلا لي وشريكا في مسراتي ومسيرتي، ثم تشخيصي بالسرطان في مرحلة مبكرة من العمر، ومكابدة العلاج المؤلم قريبا من سنة، وتخطيتها بدعم عائلتي الحبيبة، وبحب أطفالي حينها، حيث أمدني ذلك الحب بطاقة إيجابية متفجرة، وخلاف ذلك عقبات عديدة تخطيتها دائما بقبول التحديات وبأمل لا ينقطع في توفيق الله تعالى.
ما أبرز الأعمال التي قدمتيها خلال مسيرتك؟
– مؤلفاتي تدور بين تجربتي الشعرية، وتخصصي العلمي، افتتحتها بديواني الأول “انكسارات” واختتمتها بكتاب “العزلة”، وهو كتيب متواضع يحوي خواطر مبثوثة على صفحاته، وبين هذين صدر لي ديوان شعري بعنوان “آية الليل”، وكتاب نقدي بعنوان “مساجلات اليمامة: مطالعات في المشهد السردي السعودي”، وأخيرا رسالة للدكتوراة بعنوان “وجهة النظر السردية والبناء القصصي في القصة القصيرة السعودية”، وبصدد إصدار مجموعة من الأبحاث تضم أعمالا من تجربتي النقدية.
متى بدأت رحلتك مع الكتابة؟ ومن اكتشفها؟ وكيف تم صقلها؟
– بدأ شغفي بالكتابة من مقاعد الدراسة الابتدائية، في الصف الرابع، حيث أطلقت مادة التعبير حماسي في الكتابة، وكانت معلماتي يشعلن في نفسي الرغبة في الكتابة، بإعجابهن بكتاباتي في دفتر التعبير، الذي كان ينمو بنموي المعرفي، فكان أثقل دفاتري، وأكثرها أناقة، واكتشفت ذلك الشغف مع معلمتي في الصف الرابع.
أما بخصوص صقلها، فكان والدي -رحمه الله- بتشجيعه نهم القراءة عندي، ثم التجارب الصعبة ومكابدات الوجع على دروب الحياة وتحولاتها.
أصدرت ديوان شعري بعنوان “انكسارات”.. هل لعنوان الديوان قصة معينة؟
– كان ديوان “انكسارات” تجربتي الشعرية الأولى، وكان خلاصة لأحداث مأساوية، في مقدمتها فقدي لوالدي ووالدتي، ثم معاناة من تجربة عائلية أفقدتني رفقة أبنائي، فكان الديوان أيقونة للفقد بكل صوره.
* بمن تأثرتي في كتاباتك الشعرية؟
– في بداياتي الشعرية تأثرت بعبدالرحمن العشماوي، وطاهر زمخشري، ومع تقدم تجربتي الشعرية تأثرت بالشعر العربي القديم، وأخيرا أسهمت دراستي في الاطلاع على أعمال شعرية لأسماء معاصرة، صاغت تجربتي، وعلى رأسها نازك الملائكة وايليا أبي ماضي، محمود درويش وبدر السياب، ثم أيقونة الشعر الحديث والحداثي السعودي، أعني محمد الثبيتي ومحمد جبر الحربي، وعبدالله الصيخان.
من هو شاعرك المفضل؟
– مالئ الدنيا وشاغل الناس، أبو الطيب المتنبي، وشاعرتي المفضلة أشجان هندي.
ما أقرب أبيات الشعر إلى قلبك؟
– بيت شعر أبو علاء المعري يقول فيه:
ولما أن تجهمني مرادي
جريت مع الزمان كما أرادا
وهونت الخطوب علي حتى
كأني صرت امنحها الودادا
ما تقييمك للساحة الشعرية اليوم؟
– لا أستطيع تقييمها لغيابي عنها فترة ليست بالقصيرة، لكن يمكن أن أذكر تجارب شعرية ثرية، ومن تلك الأسماء الشاعر جاسم الصحيح، والشاعر عادل الزهراني، والشاعرة منى الغامدي.
أين الدكتورة أسماء من الأمسيات الشعرية؟
– غيابي عن الساحة الشعرية عموما والأمسيات الشعرية خصوصا كان بسبب انشغالات عائلية وعملية، جعلتني مقلة في إنتاجي الشعري وبالتالي ليس لدي الكثير لأشارك به.
بماذا تختم الدكتورة أسماء هذ اللقاء؟
– بحمد الله والامتنان له على كل عطاياه ولطفه معي، حيث رافقني هذا اللطف في سائر محطات حياتي ودروبها الملتوية.