مواقف مُحرجة يمر بها بعض الناس عندما تكون لهم معاملة لا تستطيع أدوات التقنية أن تحلها؛ لأنها من صلاحية المسؤول، وهنا تبدأ رحلة المعاناة فـ(حِلّنَي) حتي يستطيع أن يصل إلى ذلك المسؤول وإن وصل بمعجزة ما، هو وحظه (شختك بختك)، فإذا كان ذلك اليوم يوم سَعده التقي به، وإذا ارتفع مقام السَعد حل له الإشكال، وإذا كان يوم وعده فيا (كد مالك خلف) هذا إذا سَلِم من غثربة النفس..
هذا ما يتداوله الأصدقاء، فتذكرت موقف مر بي قبل حوالي ثلاثة أسابيع، وخطرت لي عند ذلك أغنية طلال مداح كلمات أحمد صادق، ظالم ولكن- في القلب لسا هواه. كم قلت بكره يحن- القاه يزيد في جفاه.، فبعض المسؤولين في بعض المؤسسات يظن أن المنصب مفصّل على مقاسه، ولولا أن مقاسه مناسب ما جلس على كرسي المناصب، وبعضهم بعد ما يجلس على الكرسى ينسى نفسه وأنه كان مواطنًا من ضمن المواطنين له احتياجات يحب أن تقضى، وهو موفور الكرامة عزيز النفس. فالمواطن لا يُطالب بما لا يتوافق مع الأنظمة ولو فرضًا فعل عن جهل فهو يخاطب المسؤول لا واسطة ولا فساد. فإذا الأمر مسموح ينجز له وإذا لم فيُبلّغ بذلك. ونحن كمواطنين لا نسير مع أغنية طلال (ظالم) ولكن كما هي. فلو فرضًا كان مسؤول المؤسسة كذلك فلن يبقى هواه في القلب ولا ننتظر أنه بكره يحن بل وقد ربما نلقاه فيزيد في جفاه.
غالبًا هذا هو تفكير البعض ليمارس نرجسيته، ولكن هنا لا بُد أن يتذكروا أمرًا فقد عودنا قادتنا وبالذات ما أنشأه رجل الرؤية الأمير محمد بن سلمان أن الموطن أولًا وأخيرًا لا تمس مصلحته ولا كرامته، وأُصدرت التعليمات واللوائح لتقنين العمل والأخذ في الاعتبار كل ما يصب في مصلحة الإنسان. ولعلي وفي نفس السياق أذكر الموقف الذي مر بي، منذ تركت العمل تحاشيت أن أتصل بأي مسؤول لحل مشكلة ما رغم أنها قانونية، ومن ضمن الصلاحية؛ وذلك لأمضي في حياتي بعيدًا عن إشغال الزملاء وأيضًا حتى لا أقع في يوم ما مع موقف لا يسرني. ولكن الحاجة المُلحة لموضوع بسيط جدًا ومن ضمن صلاحية رئيس جهاز معين وهو عليه هيّن. دفعني إلى سلوك ذلك المسار، ولا أحب أن أشير إلى مرتبة أو عناوين إلى ما قد تمضي به التفسيرات حوله والتكهن بأنه ذاك الجهاز أو هذا، وبالتالي قد يكون المسؤول هو فلان أو علان لأن الهدف تذكير كل مسؤول أن المنصب الذي أوكل إليه لم يمنح هبة خاصة لشخصه، فالمركز موجود به وبغيره، ولم يمنح له الخيار لإنجاز مواطن دون آخر، ولكن عُيّن ليقوم بذلك المنصب لخدمة المواطن وتسهيل أموره؛ وحيث سألت عن الإجراء الذي ينبغي لإنجاز الأمر. فقيل لي إنه من صلاحية زيد من مسؤولي تلك المؤسسة، فكتبت لذلك المسؤول عن طريق الواتساب خطابًا رقيقًا جدًا مهذبًا. أتمنى عليه أن يبت في موضوع أوضحته له وأكرر أنه موضوع بسيط وقانوني ومن صلاحية ذلك المسؤول، وذيلت الخطاب باسمي كاملًا ولم أضع رتبتي. لأن فلسفتي أن الإنسان عند الله ثم عند قادتنا بذاته وليس بمناصبه ولا بشهاداته مهما علت.
قرأ رسالتي ولم يجب عليها، ولا ببنت شفة أو بنت قلم ولا بأي فرد من أفراد عائلة التجاوب. فقلت لعل أن مشاغله العظيمة الجسيمة التي لا تجعله قادرًا على حك رأسه كما يقول البعض. جعلته يتأخر في الرد على شخصي المتواضع. فأرسلت له رسالة تذكيرية بكل تقدير واحترام وجاء فيها بما معناه أعلم أن مشاغلكم كُثر، وأحببت أن أذكّر أخي الكريم بالموضوع الذي أرسلته لكم، وشرحت له أسباب إرسال الخطاب، وهي الحاجة المُلحة لإكمال الإجراء لظروف عائلية ماسة لإنجاز هذا الموضوع، وأكرر الموضوع نظامي ومن صلاحيته. وكتبت اسمي مرة أخرى وبدون الرتبة أيضًا، فقرأ خطابي ولم يرد عليّ، كنت قد أقتنع وأرضي منه لو حتى قال أعتذر عن عدم إتمام الأمر. فأشعر أنه قدّرني كمواطن ولم يتجاهلني، وكتبت له بعد ذلك خطابًا أعاتبه بكل أدب على أنه لم يكرمني حتى ولو بكلمة اعتذار ولو حتى بدون اعتذار فقط هذا ليس من اختصاصي، وختمت بأني أختصر مشاعري بكلمتين ليتني ما أرسلت لقد ندمت، وذيلت خطابي بأنني المواطن فلان الفلاني طبعًا لم أذكر الرتبة و قرأها وكالعادة الصمت الرهيب.
رغم ما نشأ من مرارة في ذاكرتي فالموضوع ليس شخصيًا فقد ندمت أني أرسلت والآن لقد اكتفيت ولا عدت أريد إنجاز أمرٍ دونه خرط المشاعر. عندما أخبرت صديقًا عزيزًا عن ذلك الموقف قال يا أخي كان وضعت رتبتك يمكن كان لفتت انتباهه ترى (اللي ما يعرف الصقر يشويه). رديت الشواء حصل ولكني لست صقرًا فأنا بدون أجنحة، أنا لا أريد حلًا لأجل رتبتي إنما لأجل مواطنتي وإنسانيتي وحاجتي، المهم أني أكتب هنا لأني أريد أن أذكّر كل من منح الفرصة للقيام بالأعمال التي تهم وتخدم المواطن أنها ليست “للبرستيج” خاصته أو هبة لرفع شأنه. ياليت يتذكر كل مسؤول أنه في عهد الملك الحكيم الكريم سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير الحبيب المهيب. فليس هناك إلا الإنجاز وأن المسؤول قيمته بعمله وليس بجاهه ولا شهاداته. أجزم أن لو جينة واحدة فقط من جينات الأمير محمد بن سلمان وزعت على العشرات بل المئات من المسؤولين في كافة القطاعات العامة أو الخاصة لكانت عجلة الإنجاز تسارعت أكثر ولحظي المواطن بفهم مطالبه والتجاوب معها بزخم أكبر بدون الإخلال بالنظام.
المواطن له حق عليّ ولدى كل جهة سواء رسمية أو مؤسسات مدنية، وهذا ما أوضحه وأمر به أمير الإنجاز والتجديد المبدع ولي لعهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان. كم رأينا هذا الأمير الفخم وهو يتواضع لأبسط الناس ويقبل عليهم قبل أن يقبلوا عليه ليسلم ويستقصي حاجتهم لعل كل مسؤول، يستلهم رسالات سموه التي ينثرها في كل مناسبة بومضات من قدراته وثقافة إنسانيته. يا ليت ولعل وعسي.
0