كتاب ماتع بعنوان “كيف تقودنا الأرقام وتضللنا” صدر في العام 2021م، من تأليف الكاتبة الهولندية الدكتورة (سان بلو) محللة الأخبار في وكالة الأنباء الهولندية والحاصلة على الدكتوراة في الاقتصاد القياسي من كلية إيراسموس للاقتصاد ومعهد (يان تينبرغن) الهولندي، حقق كتابها نجاحًا كبيرًا وظل على قائمة الكتب الأكثر مبيعًا وانتشارًا في بلدها والعالم. يدور موضوع الكتاب حول دور الأرقام في حياتنا المعاصرة، ويستند في مضمونه على دراسة قامت بها الدكتورة (سان بلو) الاختصاصية في علم الاقتصاد القياسي، وركزت الكاتبة في هذه الدراسة على تقنية المقابلة الشخصية لعشر فئات من سكان بلدة (تاريخا) البوليفية، حول تباين السعادة والدخل المادّي بين الفئات العشرة بالأرقام، وتوصلت خلالها إلى نتائج مهمة قامت بعرضها في محتوى الكتاب بالتفصيل.
تقول المؤلفة: إن للأرقام لغة تعتبر ثقافة يعتمد عليها الكثير من الناس في جميع أمورهم كحساب مراحل تقدمهم في العمر وفي المقارنة بينهم وبين الآخرين، إنهم يتعلمون منها وضع الخطط والأهداف ومؤشرات الأداء.
إن الأرقام – والكلام للمؤلفة- تفرض علينا على الأرجح الإيقاع والرتم الذي يجب أن نعيش عليه وتسير حياتنا وفقه، فالأرقام تخبرنا عن أدائنا في المدرسة، وكم يبلغ وزننا، وضغطنا ومستوى السكر في الدم، وتطلعنا على مصروفاتنا، ورصيدنا في البنوك، ومن خلالها نعرف أيضًا الوضع الاقتصادي.
ولكن على الرغم من ذلك لا تبدو الأرقام موضوعية تمامًا بالطريقة التي تبدو عليها، فخلف كل رقم قصة، وغالبًا ما يستخدم السياسيون ورؤساء الشركات ورجال الأعمال ووسائل الإعلام الأرقام لتحقيق غايات معينة؛ وبهذا المعنى فإن كل الأشخاص على تماس مع الأرقام حتى أولئك الذين لا يعتقدون ذلك.
يشرع الكتاب في إزالة الغموض عن عالم الأرقام، بحيث يستطيع كلّ شخص أن يميّز إذا كانت الأرقام تُستخدم على نحو صحيح أو يتمّ التلاعب بها، وهكذا يمكننا جميعًا أن نسأل: ما الدور الذي نودّ أن تؤديه الأرقام في حياتنا؟ لقد حان الوقت لكي نضع الأرقام في مكانها الصحيح، لا باعتبارها ركيزة أساسية، ولا بالتخلّص منها، ولكن بوضعها في المكان الذي تنتمي إليه، جنبًا إلى جنب مع الكلمات.
قامت المؤلفة بجولة حول العالم لفك علاقتنا بالأرقام وإزالة الغموض عن ولائنا المضلل لها، وبالنسبة للمؤلفة فإن الأمر يتعلّق بالأشخاص الذين يستخدمون تلك الأرقام ويرتكبون الأخطاء الفادحة. لذلك فإن هذا الكتاب يتمحور حول هؤلاء، حول تفكيرهم الخاطئ، وحول حدسهم واهتماماتهم.
يتطرق الكتاب أيضًا إلى علماء نفس وظّفوا عنصريتهم في البيانات الإحصائية، منهم عالِمُ جنس شهير على مستوى العالم قد جمع بيانات مشبوهة، ومثله أباطرة تجار بيع التبغ الأمريكية الذين يتلاعبون ببياناتهم، وقد أسفرت ممارسات التدليس والتكتيكات المخاتلة إلى تدمير حياة الملايين من البشر؛ نتيجةَ أفعالهم التي تسببت في إزهاق روح واحدة كل أربع ثوانٍ. الكتاب ماتع ويستحق القراءة!!
0