من يستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي، ومن يُتابعها يشعر بحرب وهمية ومُفتعلة وقودها ليست الحجارة بل الرجل والمرأة.
للوهلة الأولى تبدو بعض الأطروحات جادة، ولكنها سرعان ما تتبدد بعد جملتين أو ثلاث؛ بحيث يتحول الطرح من بعض النساء إلى ما يمكن وصفه بثقة: حرب مفتعلة أو مزايدة وهمية أو تقليعات مرحلية أو ربما في أسوأ الأحوال كذب صريح.
لا يمكن اعتبار الاختلاف الجندري بين الرجل والمرأة مصدرًا لإضرام نيران العداوة؛ وقوفًا عند الحقيقة الكبرى أن الرجل والمرأة يشكلان توازن هذا الكوكب واستمرارية بقائه والسكن والسكون إلى بعضهما؛ لتستمر المشاعر والمعاني لعالمنا الذي يموج بالكثير من الإزعاج والقليل من الراحة والدعة.
كتبت إحداهن قبل فترة في أحد المواقع أن الرجل يمتهن المرأة ويحتقرها، ويسلبها كثيرًا من حقوقها التي كفلتها لها إنسانيتها وكرامتها وأثناء تصفحي لذلك الحساب لم يكن في تغريداتها السابقة ما يوحي بضنك العيش وقسوة الحياة وتعاسة المعاناة. كان الحساب يضج بالسياحة العائلية والمقاهي والشعر وبعض الموسيقى، وهي مجموعة من القرائن التي لا يمكن أن تجتمع لدى مظلوم أو مكلوم بالمعنى الفعلي والاصطلاحي.
وفي موقع آخر كانت إحداهن متحاملة على الرجال حد الشماتة، وأذكر مما ورد أنها قدمت نصائح لبنات جنسها بألا يواصلن مسيرة الحياة الزوجية إن لم تكن جميع متطلباتها حاضرة مهما بلغ الحال بشريك حياتها، وأن يكون لها كامل الحرية في تقديم المتع على الواجبات وواصلت بأن لا يكون هناك تسامح من أي نوع عند الاختلاف؛ لأن ذلك التسامح – على حد وصفها – مدعاة لتمرد الزوج وربما تعدٍّ إلى خطوط متقدمة في معركة الحياة الأسرية.. نصائح قلما توصف به أنها معاول هدم لكيان مقدس ومطمئن تحت دعاوي هشة ومخجلة.
والحقيقة المشابهة أن بعض الرجال يتمادى كذلك في احتقار زوجته وأم اطفاله وشريكة السراء والضراء إلى الحد الذي يشعر من يستمع إلى أمثاله بأن الحياة الزوجية لفظ مرادف للعبودية، وهو الأمر الذي ينقلب رأسًا على عقب حينما يكون الحديث عن ابنته أو أخته أو إحدى قريباته؛ فيتحول مشهد المرجلة المشوهة إلى خطاب رقيق وناعم تتساقط معه المصداقية، وتختل التوازنات ويتضح العوار.
مجمل القول.. إن معادلة الحياة تقضي بتناغم الحياة بين الرجل والمرأة وفقًا للتكوين الذي يختص به كل طرف منهما، وتقتضي كذلك أن يكف بعض المهرجين والمهرجات والمراهقين والمراهقات والمتخلفين والمتخلفات عن تصدر المشهد الاجتماعي بحكم فاسدة ونصائح مشوهة وتحليلات مستهترة تنتشر في أوساط الأسر المتعافية فتمرضها، وأن يكون هناك اتزان حقيقي ونضج واقعي في معالجة ما يطرأ على الخلافات الأسرية فالشواهد خلال عصور متفاوتة بدأت بالإغريق فالرومان مرورًا بالعصور في الجاهلية وعصور الظلام الأوروبية وعصرنا الحاضر أثبتت جميعًا أن انهدام ركن الأسرة لا يقف تأثيره على ذلك الكيان الصغير بل يتجاوز إلى الأطفال والأقارب، ويحيل المجتمع إلى فوضى عارمة كبيرة؛ نتيجة لتلك العقول الصغيرة.