المقالات

تقارب المؤرخ والصحفي (2-6)

تُعتبر المادة الأولية للمؤرخ والصحفي المحترفين هي الحادثة – الوثيقة (الحادثة المضمنة في رمز يدل عليها)، وهذا بالضبط ما تُوحي به كله “خبر” في التأليف التقليدي العربي.
كما نُؤمن على نقاط الالتقاء بينهما، فينبغي التركيز على نقطة مهمة في الاختلاف بينهما فقدرة الصحافي المتمرس على تسجيل أحداث عصره ويومياته من خلال امتلاك الجرأة والمغامرة (مراسل المناطق التي توجد بها حروب وثورات)، وامتلاك وسائل التوثيق من كاميرات وأشرطة تصوير وغيرها من وسائل التوثيق تجعل عمله يختلف ميدانيًا عن ميدان عمل المؤرخ الذي يكون ميدانه هو المكتبة والأرشيفات واقتناع المؤرخ بروح منهجه المرتكز على التوثيق والتدقيق وإلمامه بأن أخبار الماضي تفرغ إما في شكل خرافة، وإما في شكل قول مثبت بوثيقة الواقع أن قسمًا ضئيلًا جدًا من معلوماتنا حول الماضي خاضع إلى التوثيق، أما القسم الأكبر فهو دائمًا وباستمرار مفرغ في تصور عام وعامي يُمثل جانبًا من ثقافتنا. يقول المؤرخ الفرنسي “سينيوبوس”: “لا تاريخ بدون وثيقة” ونقول: “لا صحيفة بدون خبر”.
ويكثف المؤرخ فحصه للجزء واقتناعه بمقولة: لا تُقدس وثيقة مكتوبة إلا بعد أن تفحص فحوصًا دقيقة تؤكد هويتها وأصلها.
ولهذا نقول ليس كل ما تقوله الوثائق والصحف صادق مائة في المائة ـ إلا بعد الدراسة النقدية التحليلية والتفكيكية، بل وقراءة ما بين السطور وتحليل المادة التي دونتها الوثائق أو تفادتها أو شوهتها.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى