تنطبق شروط الكتابة للمؤرخ في نظرنا على محرري الصحف، ومن أهم هذه الشروط التي ركزت عليها كتب مناهج علم التاريخ الشك والنقد فهما إحدى الصفات التي يتصف بهما المؤرخ والصحفي؛ فعلى كل منهما أن يشك في رواية نقلت إليه سماعًا أو كتابة؛ خاصة أن التاريخ والصحافة يتأثرا بالأهواء الفردية والنزعات الاجتماعية والقومية، كما أن بعض الوثائق القديمة قد تكتسب على مرور الزمن حرمة وقداسة تبعدانها عن ميدان البحث العقلاني؛ فالشك صفة أساسية فكل معلومة تأتي إليه خبر والخبر يحتمل الصدق والكذب؛ وعلى ذلك فعليهما أن يغربلا الخبر أو المعلومة غربلة دقيقة لفصل زيفها عن حقيقتها؛ لذلك كل نص مشكوك فيه إلى أن تثبت صحته، وأن ينمي نفسه على الحس النقدي الواعي، ولكن يجب اتخاذ الحذر من المغالاة في الشك والنقد؛ فلا بد لهما أن يتصفا بالاتزان خاصة وأن لا يتعرض للأهواء والنزاعات.
كما أن الدقة والأمانة العلمية وهما شرطان أساسيان، وأهم الأمور التي يجب أن يتصف بهما المؤرخ والصحفي في التاريخ والصحافة؛ لأن مجال الإبهام والتعميم، أوسع وأيسر. فكل خطوة من خطوات الخبر تقتضي الدقة والحذر. فعليهما البحث عن المصادر وتقتضي التفتيش في كل مكان عن الجديد. لإثبات النص والتعرف على مصدر الخبر، ومكانه وزمانه، ومقابلة النصوص المختلفة ومقارنتها بعضها بالبعض. كما أن عرض الحقائق يتطلب الدقة في التعبير، والبُعد عن الغموض والاضطراب، ومطالبين أن ينسب كل رأي أو حدث لصاحبه ولمصدره دون التواء أو محاولة إخفاء شيء من الحقيقة؛ لأنه إذا اهتزت الثقة اهتزت الأرض من تحت أقدامهما وأصبحا معرضين للشك في كل ما يقولاه، وما يورداه من أفكار وآراء.
فاصلة:
الشك في حقيقة النص إلى اليقين في نص الحقيقة.
0