عام

اليمن تتنفس السلام

قال صاحبي: هل بات اليمن قريباً من طي صفحة الماضي، والتفكير في المستقبل، هل سيتنفس اليمن السلام، ويعود اليمن سعيداً، ما أبرز التحديات لتحقيق العودة المنتظرة، وما المكاسب المتحققة من المضي قدماً في طريق السلام والأمان؟
لم تكن السعودية يوماً إلا قريبة من اليمن الدولة والإنسان، واليمن الجار المستقر واليمن المزدهر أفضل من يمنٍ يعمه الخراب والفوضى والاحتراب، ليس لليمنيين فقط بل للإقليم والعالم. السعودية تسعى لمنطقة متطورة ومتمدنة، ألم يطلق ولي العهد السعودي أمنيته بأن تتحول هذه المنطقة من العالم إلى أوروبا جديدة، حلم القيادة السعودية لا يقتصر على السعوديين، بل يشمل الجميع، وبلا شك اليمن على رأسها وهي الدولة الشقيقة والجارة.
المنطقة تعبت من الفوضى والفشل، وهذا الحراك السياسي السعودي هو جزء من إحساس القيادة السعودية بدور بلادها التاريخي في تأسيس منطقة مزدهرة، وتحويلها لفرص، والانتقال بها من مرحلة النزاعات والاقتتال، الى مرحلة يسودها الاستقرار والأمن والتركيز على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل من الرخاء والازدهار والتكامل الاقتصادي، وهذا ما أكدته شواهد التاريخ البعيد والقريب ولعلنا نستذكر زيارة الوفد السعودي لصنعاء في إبريل من هذا العام، للتباحث حول سبل حل القضايا الخلافية والتوصل إلى إيقاف إطلاق نار دائم، واستمراراً لجهود المملكة التاريخية في تشجيع الحوار مع جميع المكونات اليمنية، تستضيف الرياض وفداً يمثل المكون اليمني الحوثي بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حل سياسي شامل والانتقال باليمن من مرحلة النزاعات، الى مرحلة يسودها الاستقرار والتنمية والإعمار.
فرصة اتفاق سلام تاريخي تلوح في أفق اليمن، يحتّم الانتماء الحقيقي للوطن على المكونات اليمنية جميعها عدم التفريط فيها، واستثمارها، وتقديم الأولويات الاقتصادية والتنموية على الخلافات والنزاعات الفكرية والعسكرية، عبر سلاح الحوار، لا حوار السلاح، للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق أمل شعب أضنته الحروب والخلافات والاقتتال والفقر، حوار ينسجم مع صوت السعودية في المحافل الدولية وفي الخطاب الرسمي السعودي بأن الحل للأزمة في اليمن حل سياسي ولا يمكن تحقيقه إلا بتوافق المكونات اليمنية وإن النجاح في ذلك يعد انتصاراً لليمن، قبل أن يكون انتصاراً للسلام.
رحلة السلام التي قادتها السعودية في اليمن لم تكن سهلة بل محفوفة بالمخاطر والصعاب ومع ذلك خاضتها من أجل اليمن واليمنيين، رحلة سلام بدأت منذ العام 2011م، عندما أقنعت الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض، كما قامت في عام 2016 بإقناع الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات «اليمنية اليمنية» في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة؛ إضافة إلى دعمها مشاورات ستوكهولم التي أدت إلى الاتفاق بشأن الحديدة 2018. بالإضافة للإعلان عن مبادرة الرياض لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لحل سياسي شامل في عام 2021 والتي تضمنت أربعة محاور؛ وفي هذا الخضم لم تنس السعودية قضية الجنوب في أي حل مستقبلي في اليمن.
فرصة اليمنيين ليست في الهدنة المؤقتة، بل في التوصل إلى اتفاق تاريخي تذكره الأجيال اليمنية، يخرج البلاد من حالة الحرب إلى المستقبل والانشغال بالتنمية والاستفادة من مشاريع الإعمار التي دعت إليها المملكة والتي لم تنقطع حتى أثناء العمليات العسكرية. ولكن ما فرصة تحقيق السلام في اليمن، عطفاً على تاريخ اللقاءات السابقة بين المكون اليمن يمني؟.
عندما ينحاز السياسيون اليمنيون بكافة أطيافهم لليمن فسيحل السلام والازدهار بدلاً من الحرب والشتات، فما يحدث اليوم هو بداية لنهاية للحرب ورسم لواقع سياسي وعسكري واجتماعي وتنموي جديد سيتشكل على الأرض، فاتفاق اليمنيين المرتقب يرسم معالم خارطة طريق سياسية تنهي الاقتتال السياسي وتعالج المسائل الخلافية عبر الحوار الداخلي دون تدخلات خارجية، فالكثير من العلامات تدعو للتفاؤل، هذه المرة، لأنَّ الإعلان عن السلام في اليمن جاء مقروناً بالعمل، وهذه بداية سلام قوية في هذا الركن المهم من عالمنا. للجميع مصلحة في أن يستتب الأمنُ، ويسود السلام وتنتهي المأساة اليمنية وننزع فتيل الخطر.

قلت لصاحبي:
السلام قرار.. الجميع فيه منتصر.

أ. د. عبدالله العساف

استاذ الإعلام السياسي_ جامعة الامام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى