عام

سُمَيَّة

كُنَّا وَكَانَ الْأَمْسُ يَا سُمَيَّةْ
‏كُؤُوسَ حُبٍّ مُرَّةً شَهِيَّةْ
‏كُنَّا وَكَانَ مُلْتَقًى مُجَنِّحٌ لَعُوبْ
‏رَقْصٌ عَلَى الْأَيَّامِ فِي إِيقَاعِهَا الطَّرُوبْ
‏فَوْضَى خُدَارٍ فَوْقَ جُرْحٍ
‏نَابِضٍ دَؤُوبْ
‏وَأَلْفُ أَلْفِ ضِحْكَةٍ وَدَمْعَةٌ سَخِيَّةْ

‏هَلْ تَذْكُرِينَ السَّيرَ فِي شَوَارِعِ الشِّتَاءِ
‏فِي أيَّامِنَا الْغَرِيرَةْ
‏وَالْيُتْمُ فِينَا رَجْفَةٌ قَدِيمَةٌ
‏وَالْبُؤسُ نَوْءٌ عَاصِفٌ
‏يَطُوفُ طُولَ الْعَامِ فِي قُلُوبِنَا الصَّغِيرَةْ
‏يَزِيدُ أَعْدَادَ الْفُصُولِ كَيْفَمَا يَشَاءُ
‏وَالْمَوَاسِمِ المَطِيرَةْ
‏قَدْ عِاشَ فِيَّ الْبَرْدُ مُذْ غَادَرْتِنِي
‏وَلَمْ أَزَلْ
‏كَمَا تَعَوَّدْنَا مَعًا
‏أَلْتَفُّ بِالْغُرُورِ إن
‏تَنَاوَشَتْ يَدُ الصَّقِيعِ أَضْلُعِي الْكَسِيرَةْ

‏كُنَّا نَعِيشُ الْحُلْمَ كُلَّ لَيْلَةٍ
‏مَعًا
‏أَتَذْكُرِينْ؟
‏وَ(أمُّ كُلْثُومَ) تُغَنِّي ( دَارَتِ الْأَيَّامُ )
‏أَوْ (فَيْرُوزُ) تَحْكِي
‏لَوْعَةَ الْحَنِينْ
‏وَمَا عَرَفْنَا مَرَّةً لِمَنْ نَحِنُّ يَا تُرَى !
‏يَنْتَابُنِي الفُضُولُ يَا صَدِيقَتِي
‏هَلْ صِرْتِ تَعْرِفِينْ ؟

‏أوَّاهُ يَا صَديقَتِي كَمْ أَرْهَقَتْ أَرْوَاحَنَا الْأَغَانِي
‏كَمْ نَالَ مِنَّا الحُبُّ غَيْرَ صَادِقٍ
‏كَمْ مَدَّدَتْ مِنْ حَوْلِنَا سَرَابَهَا الْأَمَانِي
‏لِنُطْعِمَ الْأَيَّامَ مِنْ خَيَالِنَا
‏وَنَجْمَعَ الْأَوْهَامَ فِي سِلَالِنَا
‏فَيَعْبُرُ الْهَوَى إِلَى الْقُلُوبِ مِنْ خِلَالِنَا
‏حَتَّى إِذَا مَا انْتَابَنَا صَحْوٌ تَفَاجَأْنَا بِمَا نُعَانِي

‏كَانَتْ لَنَا صَدِيقَةٌ مَفْتُونَةٌ مُتَيَّمَةْ
‏وسِرُّهَا يَطُوفُ فِيما بَينَنَا
‏عَلَى مَدارِ غَفْلَةِ المُعَلِّمةْ
‏لَوْ تَعْلَمِينَ كَمْ كَتَبْتُ مِنْ قَصَائِدٍ لَهَا!
‏إِذْ كُنْتُ مِرْسَالَ الْغَرَامِ عِنْدَهَا
‏وَمُسْتَشَارَةَ النَّوَى وَالْوَصْلِ
‏وَالْعَرَّابَ والمُنَجِّمَةْ

‏هَلْ تَذْكُرِينَ أُمْسِيَاتِ الْبَهْجَةِ الْمُهَرّبَةْ
‏وَوَجْهُ أمِّي بَيْنَ ذِكْرَيَاتِنَا المُعَذَّبَةْ
‏قَدْ كُنْتِ قُلْتِ إنّهَا جَمِيلَةٌ
‏وَإنّهَا حَنُونَةٌ
‏وَقُلْتِ إِنَّ شَعْرَهَا ظِلَالُ زَيْزَفُونةٍ
‏يَا لَيْتَنِي خَبَّأْتُ مِنْهُ خِصْلَةً
‏حَتَّى أَرَاهَا إِنْ دَعَانِي الشَّوْقُ ذَاتَ مَسْغَبَةْ

‏أَلَمْ تَزَالِي فِي رُبُوعِ حَارَةِ الْمَغَارِبةْ
‏تُحْصِينَ ذِكْرَيَاتِنَا
‏عَلَى رَصِيفِ الْأُمْنِيَاتِ الْهَارِبَةْ
‏أَلَمْ يَزَلْ ذَاكَ الطَّرِيقُ عَازِفًا عَنِ الْهَوَى
‏أَمْ جَاءَ (نَاجِي) مَرَّةً إِلَى هُنَاكَ نَاشِرًا
‏بِسَاطَهُ الَّذِي انْطَوى
‏وَهَلْ رَوَانَا دَمْعُهُ فِيمَا رَوَى
‏يَا لَلْأَسَى
‏كَمْ شَاخَتِ السِّنِينُ فِي عُرُوقِنَا
‏فَهَلْ رَفَعْتِ الرَّايَةَ الْبَيْضَاءَ
‏أَمْ مَا زِلْتِ مِثْلِي َغاضِبَةْ

‏مَرَرْتُ مُنْذُ خَيْبَةٍ بِالْحَارَةِ الْعَتِيقَةْ
‏تِلْكَ الَّتِي جَادَتْ عَلَيْهَا بِالصِّبَا أَرْوَاحُنَا الرَّشِيقَةْ
‏وَالسِّدْرَةُ الْجَلِيلَةُ الَّتِي رَعَتْ شَتَاتَنا
‏تُدِيرُ فِي الْأُفْقِ الرَّحِيبِ وَجْهَهَا
‏كَأنَّها تَشْتَاقُ لِلضَّفِائِرِ الْأَنِيقَةْ
‏وَجَدْتُ كُلَّ عَطْفَةٍ
‏وَكُلَّ دُكَّانٍ
‏وَكُلَّ شرفةٍ
‏وَجَدْتُ كُلَّ مَا طَوَاهُ الْأَمْسُ
‏غَيْرَ النَّبْضِ وَالرَّفِيقَةْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button