المقالات

مُعجزة التعليم الفنلندي!!

جمهورية فنلندا ذات الخمسة ملايين نسمة والتي تقع في أقصى شمال أوروبا، وبمساحة تساوي (338.5) ألف كم مربع، هذه الدولة الصغيرة وضعت جودة التعليم على قائمة أهم أولوياتها.
ونتيجة لهذا الاهتمام بالتعليم أصبحت أقوى دولة في جودة التعليم عالميًا وفقًا لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي قبل سنوات.
إن تصدر جمهورية فنلندا عالميًا في مجال التعليم مرده لعدة أسباب منها؛ احترام التعليم كجزء من الهوية الفنلندية، فقد بنت فنلندا هويتها القومية منذ القرن التاسع عشر من خلال الاستثمار في التعليم وإتاحته للجميع، وعندما نالت استقلالها عام 1917م، كان هدفها الأساسي تطوير نظامها التعليمي، ففي فنلندا يعلمون طلابهم كيف يحصلون على المعلومة، لا كيف يجتازون الاختبارات.
في فنلندا يتم اختيار المدرسين بعناية شديدة، فلا بد أن يكون المتقدم للعمل قد اجتاز بعض الاختبارات التي تؤهله للتدريس، وأن يكون من ذوي الكفاءات، ومن الحاصلين على درجة الماجستير، وفي العادة يتم قبول ما نسبته 11% من مجموع المتقدمين لشغل وظيفة مدرس، وهذا يضمن أن المتقدمين الموهوبين والأكثر حماسة للعمل هم من يستحقون شغل تلك الوظائف التعليمية.
وتركز سياسة التعليم في فنلندا بشكل أساسي على الفهم فيما يقدم من محتوى، بدلًا من الحفظ والتلقين والتعامل مع المنهج بسطحية، وبالنسبة للعبء التدريس يعمل المدرسون أربع ساعات يوميًا، وبمعدل (20) ساعة في الأسبوع، يقوم المدرس عادةً بإعداد المناهج الدراسية وتقييم الطلاب.
والطالب الفنلندي يتعلم ضمن مجموعات في الفصل وبقيادة معلم واحد يتعامل مع طلابه الذين لا يتجاوزون العشرين دون تمييز، فلا عزل ولا فصل بين الطلاب على أساس مستواهم التعليمي أو العرقي أو الديني أو كانوا في مناطق ريفية أو حضارية، فقيرة كانت أم غنية فهم يحصلون على جودة تعليم متساوية، وهو ما جعل فنلندا تمتلك أصغر فجوة بين الطلاب الأقوى والأضعف في مستوياتهم التعليمية على مستوى العالم وفقًا لدراسة قامت بها مؤسسة الاقتصاد والتنمية.
حتى المدارس الفنلندية بلا أسوار عالية بل بعضها دون أسوار، ما يجعل الطالب يتلقى تعليمه في أجواء لا تختلف كثيرًا عن أجواء منازلهم.

يعيش الطالب الفنلندي ست سنوات مع معلم واحد يقوم عادة بتدريس غالبية المواد؛ ليتحول بذلك إلى أب لكل واحد منهم، هذا يجعل الطالب يعيش مستقرًا نفسيًا، فلا يحتاج أن يتعامل مع أكثر من مدرس فيجد نفسه في رحلة سنوية ينتقل فيها من مدرس لآخر، ومن أسلوب لآخر، ومن طريقة تدريس لأخرى.
إن الحديث عن التعليم في فنلندا يطول، غير أن الهدف في نهاية المطاف هو أن تجربة فنلندا في جودة التعليم يمكن استنساخها مع بعض التعديل لتتكيف مع طبيعة وثقافة كل بلد، ولنا في اليابان آية عندما أرسلت طلابها بعد تدميرها في الحرب الثانية إلى الدول المتقدمة وحصلوا على الشهادات العليا، وبذلك أصبح لليابان كم هائل من المعلومات، قبلت التي تتماشى مع قيمها، وعدلت الأخرى حتى تبنى عليها ونحن نرى اليابان كيف هي الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى