من يضع حدًا بينه وبين كل شيء؛ لأنه فقد الثقة من كل شيء.
من يعجز عن أن يشكو همه للآخرين؛ كونه يحبهم ولا يرغب بإيذائهم بشكواه، فيلجأ لرب البشر فهو أقرب كثيرًا من البشر، قاعدة تعلمناها ولا بد من أن نعلمها لمن هم دوننا وتحت حمايتنا بعد الله، نخبرهم أن مدرسة الإنسانية علمتنا أن السجود وبث الهموم أقرب من أي بشر تراه أو تسمعه، حتى لو كانوا أقرب الناس إليك، فالله أقرب إلينا من حبل الوريد. دعوة مع بكاء في ظُلمة الليل كفيلة بأن تزيل همومك، وتغسل قلبك، وتزيح عن صدرك الكثير والمُثير من الألم.
ربما يكون هذا شخصًا مشتتًا يحتاج السلام؛ ولذلك فالسلام الداخلي أعمق وأصدق حديث.
فكل الأشياء التي كانت تفرحه فقدت بريقها. كونه انغلق على نفسه وتقوقع، ليس هكذا نكون، غيَّر نمطك واسجد واقترب وسترى عجب العجاب.
حتى لو قال: أنا مازلت ضائعًا مازلت أبحث عن نفسي في زحمة الأيام. ولن يجدها إلا بتلك الخطوات والاقتراب من رب رحيم غفور بيده مفاتيح كل شيء مغلق، فقط حين يقول كن ليكون ذلك الأمر الذي اعتقدته معجزة. يسره الله وتم التفريج به عنك، لا تلوموا أحدًا لا تعرفون درجة الوجع الذي يشعره؛ فكلنا أوجاع لا يعلمها إلا رب العباد، صدقًا علينا دومًا أن نحدث أنفسنا أن هناك الكثير من النعم موجودة لدينا، وما فقدنا إلا أقل القليل، وسيعود بالدعاء لا بالنقم.
كم مرة انطفأ ونام هربًا من واقع لم يعرف التعايش معه. ربما شعر أن هذه راحته وهنا، يبكي على وسادته فيسمعه رب جل في علاه، ويستجيب له مطلبه، أو يؤخره عنوة ليرى مقدار صبر عبده على ابتلاءاته.
فالمؤمن مبتلى، كم مرة طاردته الذكريات وأجهش في البكاء ساجدًا.. لا أحد منا يعرف عدد المعارك المنظمة بداخل كل منا.. هنا تكمن الرحمات من رب لا يغفل ولا ينام، يسمعك ويسمع صرير أقلام ملائكته، وهم يكتبون تسبيحاتك ودعواتك وابتهالاتك في السر والعلن.
فجميعنا نُعافر لنكون أفضل نسخة من أنفسنا. هذه هي الحياة، وهذه لذة ومتعة في معاركها بالصبر والتحدي، فالكل لا بد أن يكون الأقوى، حتى لو أخذ استراحة محارب لا بأس فقط ليعود أقوى وأشجع؛ لنمر دون ترك ندبة للآخرين.
ظروف كل منّا مدفونة بداخلنا.. لكل واحد فينا بئر عميق من الشعور، ربما يظهر وربما يختفي في الزحام، هذه هي حياتنا ويومياتنا شئنا أم أبينا. فقط علينا التفوق على أنفسنا لنكون قياديين ولا ننقاد للأحزان حتى لا تجر علينا الويلات والمتاعب.
0