المقالات

“والله يؤتي ملكه من يشاء”

يوافق الأول من الميزان الـ23 من سبتمبر من كل عام ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، وهي ذكرى ضاربة أطنابها في وجدانِ كُلِ مواطنٍ، كيف لا وهي ذكرى تأسيس البلاد على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – يرحمه الله – وقيامه بتوحيدِ هذا الكيان العظيم وتبديلِ الفرقةِ والتناحرِ إلى وحدةٍ وتكامل، فهي ذكرى خالدةٍ ووقفةٍ تاريخيةٍ عُظمى تتضمنُ العديد من المعاني السامية.
يقف فيها كل مواطن سعودي وقفة متأمل في بطون هذه المعاني والمآثر لهؤلاء العظماء، ولعلنا نستلهم في هذه الوقفة ما خطه قلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله- وأمد في عمره على الطاعة إبان توليه حقيبة وزارة الدفاع آنذاك، ألقاها خطيبًا بمناسبة افتتاح ندوة “الجوانب الإنسانية والاجتماعية في تاريخ الملك عبد العزيز” في رحاب جامعة الملك سعود بمدينة الرياض بتاريخ 12 ربيع الأول 1433هـ.
وبأسلوب السرد التاريخي من رجل عاش الفترة وشارك في تاريخها، لفت في لقائه -حفظه الله- أنظار الجموع الشابة إلى وقائع وأحداث من حياة الملك عبد العزيز- رحمه الله- غيّرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية في وقت مبكر أيام صباه وشبابه مستدعيًا الحس الوطني وقيم الولاء والانتماء في نفس المؤسس، وشوقه إلى ذلك الكيان الكبير وطموحه إلى لملمة أطراف البلاد الواسعة المترامية، وتوحيدها في دولة عظيمة هي المملكة العربية السعودية، وكيف أن المؤسس ضرب أروع الأمثلة والبطولات في سبيل تحقيق هذا الأمل، تستحق منا التأمل وبالتالي الاقتداء كما قال ابنه “سلمان بن عبد العزيز” معلقًا على أسلوب نشأة والده بقوله: “كان الملك عبد العزيز الشاب مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبارًا بوالديه حريصًا على أسرته وعلى مواطنيه، وملتزمًا بمبادئ الدولة..”.
ويذكر في موضع آخر حول ما كان يشغل بال والده زمن استعادة الرياض وإلى أين كان ينصب تفكيره، فيقول: “كان طموحه وهدفه منصبًا على استعادة تأسيس البلاد وتوحيدها ونشر الأمن والاستقرار فيها على أساس أجداده منذ وقت مبكر في حياته، وشارك وعمره لم يتجاوز الخمسة عشر عامًا بأمر من والده في مفاوضات مهمة وحاسمة..”.
وينقل في موضع آخر عن حافظ وهبه مستشار والده الملك عبد العزيز قوله: “سمعت من بعض أصدقائي الكويتيين الذين عاصروا عبد العزيز ورافقوه في طفولته أنه كان يفوقهم نشاطًا وذكاءً، وأنه كان يتزعمهم في الألعاب المألوفة لمن كان في سنه، وأنه كان يميل إلى سماع تاريخ أجداده من بعض الشيوخ المسنين”.
ويصفه أحد القريبين من الملك المؤسس وهو محمد المانع في كتابه “توحيد المملكة العربية السعودية” الذي عمل مترجمًا في ديوان الملك عبد العزيز –غفر الله له- يقول المانع: “بأنه لما بلغ الملك عشرين سنة من عمره كان قد اتضح أن الله قد ميزه عن غيره وهيأه لأمور عظيمة، كان يمتاز عن رفاقه من حيث التكوين الجسماني إذ كان طول قامته ستة أقدام وبوصتين. وهذا طول آخاذ غير عادي بالنسبة لرجل من صحراء بلاد العرب، وكان كل شيء آخر من ملامحه في مستوى عظيم”.
ويسهب المانع في بيان أوصافه بدقة المتأمل إلى أن قال: “وكانت لديه الهيئة الطبيعية للملوك. وكان جميلًا جليلًا في حركاته..” ويصف شجاعة وإقدام الملك قائلًا: “أما بالنسبة للفروسية فكان من عظمائها، وكان منذ صباه يحمل جاذبية وعظمة يتعذر على من عرفهما أن يصفهما بالكلمات المجردة” ثم يختم المانع وصفه بعبارة خلص فيها إلى أن الملك “كان قد ولد قائدًا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى