المقالات

من قساوة الصحراء إلى ريادة الفضاء !

الحديث عن الجوانب المشرقة التي نعيشها اليوم والماثلة للعيان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان ؛ حديث ماتع نظير ما ننعم به من النعم التي منّ الله بها على هذه البلاد المباركة منذ وحدها المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله على كلمة التوحيد ، وما نجده من الدعم اللا محدود من قيادتنا الرشيدة في دفع عجلة التنمية لمواكبة التطورات العالمية ومزاحمة الدول الكبرى التي سبقتنا في مجالات التنمية حتى وصلنا بحمد الله تعالى إلى أقوى اقتصاد عالمي وضمن الدول العشرين، وهذه الإنجازات المباركة التي نعيشها ، ونتقلب في خيراتها ؛ ليست مدار الحديث في هذا المقال كونها واقعاً نعيشه ، ونلمسه ولله الحمد والمنة ، ولكن سنلقي بالضوء حول تلك الحقبة الزمنية التي سبقت توحيد هذه البلاد المباركة على يد المؤسس رحمه الله ، فمن حق الأجيال علينا في الحاضر والمستقبل أن يتعرفوا ، ويطلعوا على ما كانت عليه البلاد آنذاك في جميع جوانب الحياة حتى تستحضر هذه الأجيال ما كان عليه الأباء والأجداد من المعاناة ،والحياة القاسية التي لا يكاد يصدقها العقل مقارنةً مع واقعنا المعاصر اليوم ، مما يدفعهم إلى تقدير هذه النعم الجليلة ،وشكر المنعم المتفضل ، والمحافظة عليها بالقول الصادق والعمل الجاد ،فالحياة كانت قاسية ، والموارد شحيحة ، حيث كانت الأوضاع صعبة للغاية من كافة الجوانب التي تحيط بها، فالتركيبة السكانية تتكون من بادية تقطن الصحاري الجرداء ، وتتنقل هنا وهناك بحثاً عن الماء والكلأ لمواشيهم التي هي مصدر الرزق لهم بعد الله ، ناهيك عن المشقة والصعاب والخوف والجهل والأمراض الفتاكة التي تكتنف حياتهم في تلك الفيافي القاحلة ، والقسم الآخر من السكان يعيشون في قرى وهجر متناثرة ، ويعيشون على الزراعة واستصلاح الأراضي بطرق بدائية في حرثها وريها حتى يحين موسم الحصاد الذي يطول انتظاره ، ولا يكاد يفي باحتياجات السكان من الغذاء ، وكانوا يعتمدون على مواسم نزول الأمطار في زراعتهم ، بل وعانوا كثيراً من انقطاع نزول الأمطار فالجفاف يضرب جميع مزارعهم ، ويعتبر نزول الغيث عليهم هو يوم عيد لهم، فيساعدهم على الزراعة لسد حاجتهم مؤقتاً ، بل كانوا لا يهنؤون أحياناً بما يزرعونه لأن الشمس تحرقه في مواسم الحر والتقلبات الجوية الجافة ، والذي ترتب عليه المجاعات والفقر وموت المواشي ، وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة في غياب وجود الأدوية أو المشافي مما يؤدي بهم إلى الموت الجماعي في كثير من الأحيان .
وأما عن التعليم في تلك الحقبة ؛ فلم يكن هناك تعليم نظامي ، وإنما كان هناك تعليم بدائي تقليدي في المساجد والكتاتيب ،ثم نشأت بعض المدارس البدائية على أيدي بعض المتطوعين من الأهالي ومنها المدرسة الصولتية ، والمدرسة الفخرية ، ومدارس الفلاح ، وبعد توحيد البلاد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز ؛ كانت نقطة الانطلاق الحقيقية للتعليم النظامي ، وفي هذه المرحلة قطع التعليم شوطًا كبيرًا وخصوصًا بعد اكتشاف النفط وحدوث الثورة الكبرى والطفرة التي أدت إلى تغيرات هائلة في المملكة العربية السعودية ،وما أحدثته من تحولات اجتماعية واقتصادية شملت جوانب الحياة كلها في المملكة، وصار التعليم يتطور بسرعة كبيرة بسبب تطور المملكة في جميع المجالات، حيثُ بدأت هذه المرحلة بتأسيس مديرية المعارف في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله عام ١٣٤٤هجري ، والتي تحولت إلى وزارة المعارف عام ١٣٧٣هجري في عهد الملك سعود رحمه الله ، وكان الملك فهد رحمه الله أول وزير للمعارف حينها ، وبدأت مسيرة الخير والنماء بافتتاح العديد من المدارس والمعاهد والجامعات للبنين والبنات في جميع المدن والقرى حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حيث تعمل الحكومة في المملكة العربية السعودية من خلال رؤية المملكة 2030 على إحداث تطورات كبيرة تشمل جميع القطاعات في الدولة، وقد أولت تلك الرؤية قطاع التعليم اهتمامًا كبيرًا كونه الركيزة الأساسية في تطور وتقدم البلاد ، والتزمت نحوه بالكثير من الالتزامات، وفق ما ورد في (مدونة المناهج السعودية ) والتي تسهم في تطور التعليم وتهدف إلى “إيجاد تعليم يسهم في دفع عجلة الاقتصاد، ويقوم بسد الفجوة بين خريجي التعليم العالي ومتطلبات أسواق العمل ، وتطوير منظومة التعليم للوصول بالمملكة وطلابها إلى تحقيق نتائج إيجابية متقدمة، والحصول على تصنيف مرتفع في مؤشرات التعليم العالمية ،بالإضافة إلى الاهتمام بدور المعلمين وتأهيلهم لمواكبة مستوى التعليم العالمي، من خلال رفع كفاءة أداء المعلم وقياس مستويات خريجي التعليم سنويًا ،وكذلك العمل على جعل طالب العلم هو محور العملية التعليمية، والتركيز على بناء مهاراته وروحه الإبداعية، حتى يبدع في بيئة محفزة وجاذبة للتعليم.”
ومن خلال هذا العرض الموجز واللمحة السريعة لما كانت عليه هذه البلاد ، وما وصلت إليه اليوم بحمد الله تعالى ثم بفضل جهود قيادتنا الرشيدة التي تعمل بلا كلل أو ملل في سبيل الوصول بهذه البلاد المباركة إلى مصاف الدول المتقدمة في كافة المجالات ؛ فإننا مطالبون في جميع مؤسساتنا باطلاع شبابنا على تلك النقلات النوعية في هذا الوطن المبارك ، وإبراز المشروعات الوطنية العملاقة من خلال العديد من البرامج والفعاليات والمناهج الدراسية والمناسبات الوطنية ولعل أهمها مناسبة الاحتفاء باليوم الوطني لترسيخ مفهوم الوطنية والانتماء الوطني في نفوسهم حتى يسهموا في بناء وتطور هذا الوطن المعطاء في ظل قادته الأوفياء ، وتحقيق طموح وآمال ولاة الأمر من خلال الرؤية المباركة التي أصبحنا نجني ثمارها بحمد الله تعالى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى