في اليوم الخامس من شوال عام 1319ه، الموافق لليوم الخامس عشر من يناير عام 1902م، استرد البطل المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود الرياض، عروس الصحراء، عاصمة آبائه وأجداده في مغامرة أشبه ما تكون بأساطير الأولين؛ واضعًا بهذا الفتح المبين الحجر الأساس لتأسيس المملكة العربية السعودية، الدولة القارة، التي ترقد اليوم هانئة سعيدة موحدة متحدة، ممتدة من الخليج العربي شرقًا، حتى البحر الأحمر غربًا؛ ومن الكويت والعراق والأردن شمالًا، حتى اليمن وسلطنة عُمان جنوبًا، مدبِّجة لوحة فسيفسائية استثنائية لسيرة أُمَّة صاحبة رسالة عظيمة معطاءة، تحولت من الركود إلى النشاط، ومن الفتنة إلى الألفة، ومن نزعات العصبية الجاهلية والفوضى، إلى النظام، ومن الفاقة إلى اليسر، ومن الاستغراق في الثبات إلى الأخذ بأرقى أسباب الحياة، محققة الأمن والاستقرار بشكل لم يعهده أحد حتى اليوم في أكثر بلاد الدنيا التي تَدَّعِي (العظمة) والمثالية والحضارة والمدنية. فاطمأن الناس على عقيدتهم وأرواحهم وأموالهم وأعراضهم، وتفرغوا للعمل والعبادة.
وإثر توحيد أجزاء المملكة كلها في هذا الكيان الشامخ الراسخ، بعد مسيرة جهاد طويلة شاقة، حافلة بتضحيات جسام، وتشكيل شخصية أُمَّة جديدة ناهضة متطلعة إلى مستقبل مشرق، وتحقيق تحول اجتماعي مدهش من فوضى إلى نظام.. أقول: إثر هذا الإنجاز العظيم، أصدر المؤسس في قصره العامر بالرياض، في اليوم السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351ه، قرارًا يقضي باعتماد اليوم الحادي والعشرين من جمادى الأولى، الموافق لليوم الأول من الميزان، الذي يوافق اليوم الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، يومًا لإعلان توحيد بلادنا الطيبة المباركة هذه، التي ليس مثلها في الدنيا وطن.
وهكذا اندفع المؤسس نحو العمل والإنجاز والإبداع بنهم شديد، يُعلي شأن هذا البنيان المتين، فيضع في كل يوم لبنة جديدة، غير آبهٍ بما يعانيه من تعب ونصب وسهر، حتى لقي ربَّه في الثاني من ربيع الأول عام 1373ه، الموافق للتاسع من نوفمبر عام 1953م.
ولأنه كان بطلًا صاحب رسالة شديد الإيمان بخالقه، شديد الثقة في نصره، حريصًا على إعلاء كلمة الحق وخدمة الحرمين الشريفين وتأمينهما، ورعاية ضيوف الرحمن، واستمرار قافلة خير بلاده القاصدة إلى الأبد إن شاء الله، هيأ أبناءه لتحمل المسؤولية وحمل الراية من بعده؛ فأحسن تربيتهم وإعدادهم على خير ما يستطيع أن يفعل والد لولده؛ ويؤكد هذا كل من عرف عبد العزيز عن قُرب أو كتب تاريخه، وأكتفي هنا بما أكده خير الدين الزركلي، الذي عرف عبد العزيز عن قُرب وعمل لديه، إذ يقول: (ما رأيت أحدًا يُعنى بتربية أبنائه بنفسه وتدريبهم وتخريجهم في حال طفولتهم، كالملك عبد العزيز).
ولأن عبد العزيز كان يعرف قدر العلم ويحترم العلماء، كما أكد محمد جلال كشك: (لا أظن أنه نُقِل عن ملك قول في احترام العلم وتهيب العلماء، مثل قول عبد العزيز، أنه كلما رأى الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، تصبب العرق من إبطه من هيبة العلم واحترام العالم).. أقول لأن عبد العزيز كان يدرك أهمية العلم في تطور الأمم ورقيها، حرص على أن يأخذ أبناؤه بنصيب وافر من العلم قدر الإمكان؛ فتسلموا الراية من بعده وهم لقدرها مدركون، وعلى استمرارها قادرون، وعلى حمايتها بأرواحهم عازمون. فساروا بها على خطى الوالد المؤسس من عهد الملك سعود، مرورًا بالفيصل، فخالد، ثم الفهد، فعبد الله؛ لننعم اليوم في هذا العهد الزاهر بقيادة شبيه المؤسس خَلْقًا وخُلْقًا، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده القوي بالله الأمين، أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس الوزراء.. أقول: أصبحنا ننعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء بفضل الله المنعم الوهاب سبحانه وتعالى، ثم بحكمة قادتنا الكرام البررة، وجهدهم وإصرارهم على استمرار قافلة خيرنا القاصدة، مهما غلا الثمن؛ بعد أن حققت بلادنا ريادة إقليمية وعالمية، فيما تُتَخَطَّفُ الدول من حولنا، وتتحول إلى أكوام هائلة من الحطام والرماد، وتتناثر الجثث في كل مكان، فتزكم رائحتها الأنف، وتنهشها الكلاب.. يحدث هذا الخراب كله للأسف الشديد بيد أبناء تلك الدول؛ في حين لم يكتفِ أبناء عبد العزيز الكرام البررة وحولهم شعبهم الوفي، بتحقيق أمل عبد العزيز الذي أفضى به لكارل بركلمان، شيخ المستشرقين الألمان، الذي كان أشهر باحث أوروبي في عهده: (إذا وفق الله أولادي، كما وفقني، فسوف يتولون مقدرات مائة مليون مسلم)، بل كانوا عند أكثر من حسن ظن والدهم، إذ يتولون اليوم مقدرات نحو ملياري مسلم تقريبًا (25%) من إجمالي سكان المعمورة.
وقطعًا، لا بد لكل عين منصفة أن تدرك هذا التقدم المدهش الذي أحرزته بلادنا في كل المجالات: الاقتصادية، السياسية، الصناعية، الصحية، البيئية، التقنية وغيرها كثير، شملت حتى الرياضة. ولأن المجال لا يتسع، أكتفي هنا بإشارة سريعة؛ ففي مجال الاقتصاد مثلًا، حققت بلادنا ناتجًا محليًا استثنائيًا العام المنصرم، حتى في ظل هذا الركود العالمي المخيف، وارتفاع صوت البنادق وأزيز المدافع في أكثر بلاد الدنيا، تجاوز حاجز التريليون دولار لأول مرة في تاريخها، بفضل الله تعالى، ثم بتوجيه القيادة الرشيدة وحسن إدارتها، وعزم سواعد أبناء الوطن السمراء التي أحسنت صنعًا في تنزيل برامج رؤيتنا الطموحة الذكية (2030) إلى أرض الواقع.. بالمناسبة: يساوي هذا ثلث الناتج الاقتصادي الإجمالي للدول الأعضاء في رابطة الآسيان؛ وفي هذا تجسيد حقيقي لشعار يومنا الوطني المجيد الثالث والتسعين لهذا العام (نحقق ونحلم). كما أصبحنا نمتلك اليوم أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، تزيد أصوله عن سبعمائة مليار دولار.
أما في مجال السياسة، فيكفي أن تعلم أيها القارئ الكريم، أن لقيادتنا الرشيدة اليوم قراءة مختلفة للمشهد العالمي، جعلت بصمة بلادنا واضحة راسخة في القرارات الدولية، فيمَّم الكل شطرها، طلبًا للدعم والمشورة والرأي السديد للمساعدة في حل النزاعات الدولية، حتى أولئك الذين يسمون أنفسهم (دولًا عظمى) تلفتوا يمنة ويسرة في محنتهم، فلم يجدوا وسيطًا نزيهًا غير أرض الحرمين الشريفين. وفي مجال التعليم، فيكفينا فخرًا أن أبناءنا أصبحوا يحرزون المراكز الأولى في المنافسات الدولية للعلوم والهندسة.
أما فيما يتعلق بالتقنية: تربعت بلادنا على عرش العالم، محتلة المرتبة الأولى على مستوى العالم في مؤشرات الذكاء الاصطناعي، متقدمة حتى على ألمانيا والصين؛ ليس هذا فحسب، بل خصصت ميزانية وبرامج ومشروعات، وأعدت إستراتيجيات لتمكين الذكاء الاصطناعي، وقطعًا في هذا فخر لكل المسلمين والعرب. أما في مجال الصحة وصحة البيئة، لا سيَّما ما يختص بطب الحشود الذي تنفرد به بلادنا في العالم كله، فيكفينا فخرًا واعتزازًا أن نسبة الأمراض التي تهدد الحياة والأمراض المتفشية، كانت خلال حج العام المنصرم الذي شهده نحو مليوني حاج من مختلف قارات الأرض.. كانت صفرًا كبيرًا؛ بعد أن أصبح السعوديون يجندون أنفسهم قيادة وشعبًا للاهتمام بالحرمين الشريفين والأماكن المقدسة، خدمة لضيوف الرحمن التي يتشرفون بها ويعتزون.
ولما كان الشيء بالشيء يُذْكَر، فلا بد لي هنا أن أُذَكِّر أولئك القومجية بقيادة كبيرهم نزار قباني، الذين كانوا يعيروننا بالصحراء والبعير، ويصفوننا بالرجعية؛ أُذكِّرهم أنه عندما طلب الملك عبد العزيز من المسلمين، وبالطبع فيهم دول أولئك القومجية، قبل أن يفتح الله عليه بخيرات الأرض، المساهمة في إنشاء طرق، وتأمين المواصلات، وإصلاح الحرمين الشريفين، تسهيلًا لضيوف الرحمن وتخفيفًا عليهم، وكانوا يستطيعون.. رفضوا وتعللوا بأعذار واهية؛ بل أكثر من هذا: جاؤوا إليه يقترحون جعل الحرمين الشريفين تحت الوصاية البريطانية. فجاءهم رد البطل الحازم الحاسم، الواثق بخالقه، المتوكل عليه، الواثق بعونه عزَّ وجلَّ في كل شؤونه.. جاءهم رد قائد دولة الرسالة كالصاعقة: (كما أمَّنت الحج خلال السنوات الماضية، سوف يعينني الله على تأمينه في السنوات القادمة، ولن أسلم الحرمين الشريفين لأي دولة).
أما دول أولئك القومجية، فقد غرق أهلها اليوم في دمائهم التي سالت حتى الركب، بسبب الجهل الذي لا أرى بعد الكفر مصيبة أعظم منه على الأمم.. حريق ودمار، وقتل على الهوية، وسرقة ونهب وسلب بتهديد قوة السلاح، وهتك للأعراض، وطرد للناس من بيوتهم عنوة، مع أن الكل يَدَّعي أنه الوحيد الذي يمتلك الحقيقة؛ والمصيبة أن القاتل يكبِّر، وكذلك يفعل المقتول. فلا يدري الأول لِمَ قَتَل، ولا يدري الثاني فيم قُتِل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يحدث هذا في دول القومجية، وغيره كثير مما تقشعر له الأبدان من تجاوزات ومظالم وخراب ودمار وسفك للدماء وانتهاك للأعراض، والضحية للأسف الشديد أبرياء عُزَّل، بسبب العنصرية المقيتة، والتعصب العقدي الذي أفرزه الجهل الذي استوطن عقولهم المغلقة؛ مع أن الصين التي يبلغ عدد سكانها مليار ونصف المليار نسمة تقريبًا، وبها أكثر من (5) ديانات رسمية تقرها الحكومة، إضافة لأكثر من خمسين قومية، تحتل اليوم المرتبة الثانية في اقتصاد العالم بعد أمريكا، بناتج إجمالي قدره (19) تريليون دولار ونصف التريليون. ويقال الشيء نفسه عن الهند التي لديها العدد نفسه من السكان تقريبًا، وتشكل مع الصين (36%) من إجمالي عدد سكان العالم، وفيها (9) ديانات رسمية تقرها الحكومة، وأكثر من (300) قبيلة، و(330) مليون إله، والعياذ بالله.. ومع هذا كله، تحتل الهند اليوم المرتبة الخامسة في اقتصاد العالم، بعد أمريكا، الصين، اليابان وألمانيا، بناتج إجمالي يناهز الأربعة تريليونات دولار. وللأسف الشديد، بالمقابل تهدد كل قبيلة في بلدان القومجية بالانفراد بحكم البلاد أو الاستقلال بمنطقة نفوذها وإعلان دولتها الخاصة أو الدمار الشامل، عليَّ وعلى أعدائي.
أما نحن دولة الرسالة، فمثلما وصف جلال كشك المؤسس بأنه: (هو وحده الذي خرج بحصة عربية إسلامية مستقلة من تركة الدولة العثمانية، وكأنه ضمن القوى العُظمى في الحرب العالمية الأولى. حمى استقلال ما فاز به دون أن يلطخ يده بجريمة طعن الدولة من الظهر، وهي الدولة التي كانت تستحق الموت فعلًا، ودون أن يحمل شبهة خدمة المصالح الإمبريالية. واستطاع حقًا أن يكون كما قال لممثل بريطانيا: أنا مسلم أولًا وعربي ثانيًا). فنحن كذلك اليوم نسير على الدرب ذاته فى عهد قائد مسيرة خيرنا القاصدة، المليك المفدى، سلمان الحزم والحسم والرأي السديد، وولي عهده القوي بالله الأمين أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، إذ تُعَدُّ بلادنا الطيبة المباركة اليوم هي الدولة الوحيدة التي خرجت من القرن العشرين الدموي، سالمة من تجربة شعارات الفاشية، الشيوعية، القومية العربية، التعصب العقدي، النعرات القبلية والحروب الأهلية الطائفية؛ وكل ما أفرزه القرن العشرين من جهل الغوغاء والدهماء المغفلين، الذين خربوا بيوتهم بأيديهم؛ بل ما نزال، وسوف نظل إلى الأبد -إن شاء الله-، نؤكد للشرق والغرب على حدٍّ سواء، بلسان ولي عهدنا: (ماضون في السلام، ولن نسمح بتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات). ليس هذا فحسب، بل أهَّلتنا قدرتنا على استيعاب خارطة العالم السياسية، وتركيبة مصالحه المعقدة، للإصلاح حتى بين من يدَّعون (العظمة) والريادة على العالم.
ولهذا نصبح ونمسي ونحن نشكر ربَّنا المنعم الوهاب على نعمه التي لا تحصى، أهمها تلك التي أُذَكِّر نفسي وإخوتي بها، التي لا تصلح دنيانا إلا بها، ولا يستقيم أمر ديننا: اجتماعنا على العقيدة والسُّنَّة، ولزومنا الجماعة، وثباتنا على وحدة الصف، واجتماعنا على ولاة أمرنا الذين أوقفوا حياتهم الطيبة المباركة كلها من أجلنا.
وصحيح، من حقنا أن نفرح في يومنا الوطني المجيد بهذا التلاحم الاستثنائي الفريد بيننا وبين قيادتنا الرشيدة التي حققت لنا المستحيل، فالفرح في هذا اليوم المشرق الجميل حقٌّ مشاع للجميع، غير أنه ثمَّة ملاحظات تصدر من فئة قليلة طغى عليها الفرح، لا بد من مراعاتها، احترامًا لمبادئنا وتأكيدًا على رُقِيِّنا، أوجزها في الآتي:
• لوحظ رمي أعداد هائلة من العلم الوطني، مما جعله عرضة لكي تدوسه الأقدام. وقطعًا كلنا ندرك الخطأ الشنيع الذي يرتكبه البعض، بحسن نية، لأسباب عديدة، أهمها أن علم بلادنا هو العلم الوحيد الذي يحمل كلمة التوحيد، فإن كان لا يجوز تنكيسه في حالات الحداد، فمن باب أولى ألاَّ نسمح برميه على الأرض، كما أن نظام العلم يحظر مثل هذه الممارسات، احترامًا للعلم الذي يرمز لدولتنا، وبالتالي في رميه على الأرض إهانة لها. وأود هنا أن أُذَكِّر إخوتي في التعليم العام بأهمية احترام علم الدولة وشعارها وصور قادتها؛ متمنيًا من وزارة التعليم إدراج نظام العلم السعودي ضمن مادة التربية الوطنية في سائر مراحل التعليم العام، ولا ننسى أهمية دور الأسرة في تذكير الصغار بضرورة احترام رمز دولتهم وشعارها.
• لوحظ أيضًا أن البعض يمارس التفحيط، إضافة لتجمعات الشباب وتجمهرهم في الطرقات والشوارع العامة، وفي هذا إيذاء للمارة، وتعطيل لحركة المرور، وإزعاج لرجال المرور وزيادة للعبء عليهم؛ كما فيه أيضًا، وهذا عندي الأهم: إساءة لصورة بلادنا الحضارية في عين الآخرين.
• لوحظ أيضًا أن بعض الذين يذهبون إلى المتنزهات والحدائق العامة، يتركون خلفهم أرتالًا من النفايات عند مغادرتهم المكان، مبعثرة هنا وهناك. أتمنى أن تختفي مثل هذه الممارسات، كما أرجو أن يكون كيس جمع النفايات هو أول شيء يحرص الذاهبون إلى المتنزهات والأماكن العامة، أن يكون ضمن أمتعتهم، ونحرص كل الحرص على أن نترك كل مكان نرتاده نظيفًا مثلما وجدناه، ولا بد من تعويد الصغار على هذا السلوك الحضاري منذ نعومة أظفارهم.. أكتفي هنا بهذا القدر لكي أؤكد في النقطة الأخيرة على شيء غاية في الأهمية في تقديري:
• أرجو من الإخوة الأفاضل المعنيين بتنظيم احتفالات اليوم الوطني في مختلف الجهات والهيئات، العمل على نقل احتفالات الأوبريت كل عام إلى منطقة من المناطق، بحيث يشرِّفه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده القوي بالله الأمين؛ ففي هذا تجسيد لمعنى الوحدة والتلاحم بين القيادة والشعب، كما أنه محرض لأهالي المنطقة للاهتمام بمنطقتهم والعناية بنظافتها وتزيينها لاستقبال القيادة الرشيدة؛ إضافة لإنعاشها وتعريف العالم بها.
وبعد:
في سيرة هذا الرجل الكبير، البطل الفذ، المحارب الجسور، مع أنه لم يتخرج في (ويست بوينت أو ساند هيرست)، بل غادر الرياض محمولًا في ما يشبه الخرج على بعير في رحلة طويلة شاقة مع أسرته وخاصتها، مقيمين عند هذه القبيلة حينًا، وعند تلك حينًا آخر، ليهزم بعد حين مشروع السير بيرسي كوكس في الرياض، مع تكالب الأعداء، محققًا في بضع سنين ما عجزت الدولة العثمانية عن تحقيقه في خمسمائة عام، فتحول أهل المضارب والخيام إلى سكان قرى ومدن.. أقول في سيرة هذا البطل الفذ المشرقة، نموذج فريد لعزيمة الرجال التي تحقق المستحيل وإن بعدت المسافة، وقلَّ الزاد، وتخاذل الرفيق.
فلنجعل من يومنا الوطني المجيد مناسبة عظيمة لتجديد العهد والولاء والوفاء لقادتنا الكرام البررة، للعمل معًا من أجل رفعة بلادنا واستمرار قافلة خيرنا القاصدة إلى الأبد إن شاء الله، وإن علت أصوات المخذِّلين، وارتفع صوت الخونة المأجورين.. وكل عام قيادتنا الرشيدة بخير، وبلادنا في أمن وأمان واستقرار، وشعبنا الوفي يرفل في النعيم.. ويحلو لي أن أختم هنا في يوم عرسنا الأكبر هذا، بالمقاطع التالية من رائعة دايم السيف (فريدة التاريخ):
شعارنا سيفين أمن وعدالة
ونخلة نمو الدار وعلو قامات
***
ومعزي التأسيس باني وطنًا
على تحدي الوقت والفكر والذات
***
وعياله ملوك البطولات منَّا
على طريق العودة هيبة وهقوات
0