في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، نحتفي بيومنا الوطني، يوم إعلان توحيد البلاد باسم (المملكة العربية السعودية) على يديْ الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه، ذلك الرجل الذي حلُم مع ثُلَّة من رجاله الأوفياء ببناء دولة تقيم التوحيد، وتجمع الشتات وتوحد الصفوف، وتوجه الجهود لإقامة كيان عربي الهوية نقي العقيدة.. فحقَّقَ الله له ولرفاقه الحُلُمَ؛ لأنهم أخلصوا النيَّة وأحسنوا العمل.
يا سادة..
يأتي اليوم الوطني في هذا التوقيت من كل عام، فنبتهج فيه بهذه المناسبة الخالدة المتجددة، ونحتفي بحب الوطن بكل وسائل الاحتفال، وبواعث السرور والفرح.. وتظل القيمة الحقيقية لهذا اليوم وأسباب احتفائنا به، هي ترسيخ مفهوم الانتماء للأرض للتراب الغالي، والولاء لقيادتنا الرشيدة، التي ما فتئت تحرص على أبنائها، وتسعى في إسعادهم، ومنحهم وسائل الحياة الكريمة في كل مجال..
والمتتبع لحال أبناء هذا الوطن الكرام مع الاحتفاء باليوم الوطني ـــ وجُلُّهم من الشباب ـــ يلحظ أن إحساسهم بقيمة الوطن وحقوقه، وولاءهم لقيادتهم وثقتهم بها.. يلحظ أن ذلك الإحساس في نمو مضطرد وتفاعل خلَّاق، يظهر فيه الصِّدق والعُمْق والوعْيُ..
وهذا لعَمْري هو الهدف الأسمى من الاحتفاء بيوم الوطن، وهو المفهوم الحقيقي للمواطنة الصالحة والانتماء الفاعل، والولاء الصادق، الذي يتدفق من عقيدة راسخة تؤمن بالوطن كيانا، وبولاة أمره قادة مكنهم الله، واختارهم لحكم البلاد وخدمة العباد؛ فأخذوا الأمانة بحقها، وأدوها حق أدائها، وأقاموا العدل ونشروه، وأخلصوا النصح لله ثم لمواطنيهم، وشيدوا بنيانا متماسكا مستقرا عزيزا منيعا، تنوعت فيه سبل العيش الرغيد، وطاب فيه المقام لكل إنسان حلَّ فيه أو مرَّ به، فضلا عن إنسانه الذي هو شريك في عمرانه وبناء حضارته، حضارة قوامها سُلُوك نفيس، ومنجزات يتحدث عنها وبها القاصي والداني.
واليوم وقد ودعنا 23 من سبتمبر من هذا العام، وانتهت فعاليات الاحتفاء الحِسيَّة باليوم الوطني؛ فإن الوطن باق في خلجات أرواحنا، لا ينتهي احتفاؤنا به، ولا تنقطع مظاهر سعادتنا بالانتماء إليه، ولا تخبو في نفوسنا جذوة الولاء لقيادته المباركة. وسوف يعود علينا اليوم الوطني بإذن الله أعواما عديدة، وفي كل مرة نجدنا نحتفي ونبتهج بمنجزاتنا، بمكتسباتنا، بما بنته سواعد أبنائنا وبناتنا، وبما حققته هممهم العالية نحتفي بحب قيادتنا التي بعثت فينا طموحا لا حدود له سوى السماء…
أيها النبلاء:
إن الاحتفاء بيومنا الوطني في كل عام، وفي هذا العام (الثالث والتسعون) تكشَّف عن وعْيٍ عميق يتحلَّى به شباب وفتيات هذا الوطن المبارك، وعْيٍ بقيمة المنجز الذي يتحقق في كل مجال.. وفي كل ساعة، وعْيٍ بالمحافظة على هذا المنجز، وعقد العزم على تطويره وتنميته، وعْيٍ يبعث الطمأنينة بأننا نسير بفضل الله في الطريق الصحيح نحو صدارة العالم، وبأننا نسير خلف قيادة شجاعة طموحة متألقة، أدركت احتياج شعبها وأمتها.. فرسمت أهدافها بوضوح، وانطلقت من ثوابتها ومُمَكِّناتها..
فكيف لا تتحقق أحلامنا…؟!
– مكة المكرمة