المقالات

وقفات مع لقاء الأمير محمد بن سلمان وكبير مذيعي “قناة فوكس نيوز”

تابعت لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مع كبير مذيعي قناة ⁧‫فوكس نيوز‬⁩ الأمريكية بيريت بير، والذي نشّط ذاكرتي وأعادني لطيّب الذكر دونالد ترامب والهاجس الكبير الذي كان لديه من (التنين الصيني).

كثيرة النقاط التي طرحها المذيع على مهندس الشرق الأوسط الأمير محمد بن سلمان، جُلها كانت أسئلة تتعلق بالهموم الأمريكية في الفترة الحالية والتخوف الكبير لدى الأمريكيين من فقدان حليف استراتيجي بحجم المملكة العربية السعودية، وكالعادة كانت الأجندة الإعلامية الأمريكية حاضرة في اللقاء ولكن اصطدم كبير المذيعين بذكاء ودهاء وسرعة بديهة (عرّاب السياسة).

جزئية السؤال عن العلاقة السعودية الصينية كانت أبرز محاور اللقاء والتي حاول المذيع استنطاق سمو ولي العهد للحديث بشكل مفصل عنها وكذلك عن الرئيس(شي جي بينغ) ليُطمئن الأمريكيين عن مستقبل علاقتهم مع السعودية في ظل وجود الصين لدرجة أن المذيع يسأل: متى كانت آخر مرة تحدث فيها سموه إلى الرئيس الصيني شي؟ ولا يخفى على سمو ولي العهد خبث الإعلام الأمريكي فكان سموه دقيقًا في اجابته ولم يقدم اجابة صريحة فقال: “تقريبًا لست واثقًا، ربما قبل شهرين أو أربعة، ثم قال: نتحدث كل سنة تقريبًا”، عاد المذيع وقال: كيف تراه؟ وماهي طريقة تعامله؟ رد سموه بذكاء ودهاء غير مستغرب: إنه يحاول أن يصنع الأفضل للصين وله كامل الحق في ذلك، فهو زعيم دولة ويريد النجاح لدولته. ثم أعطى المذيع معلومه متداولة وغير سرّية وقال: “شعبه يتجاوز المليار نسمة”. ثم بدهاء جديد يرد سموه: “لا نريد أن تفشل الصين لأنها إن فشلت كل العالم سوف يفشل بما فيها أمريكا”.
أعتقد في هذه اللحظة لم يحقق المذيع هدفه من هذا السؤال الذي يحمل في ثناياه الخبث الإعلامي الأمريكي، ومع هذا اعترف كبير المذيعين بقلق أمريكا من قضية تايوان من جهة، ومن تحركات الرئيس الصيني (شي) من جهة أخرى، وحاول استنطاق ولي العهد للحصول على أي معلومة في هذا الجانب فقال لسموه: ما اعتقادك تجاه رؤية شي جي بينغ 2030؟ متناسيًا أنها رؤية الصين لا السعودية!.

استمر الحوار وبدأ التخبط يظهر على أسئلة المذيع، فأصبح يخلط بين الأمور ولا يفرق بين المجموعة الاقتصادية والتحالفات السياسية، فسأل عن انضمام المملكة إلى مجموعة (بريكس) وأن الصين كانت عاملًا كبيرًا في انضمام المملكة وقال: هل تعيد المملكة شراكتها الأمنية من خلال التفكير بطرق مختلفة للقيام بهذا؟ فرد سموه بثقته العالية: “لا.. مجموعة بريكس ليست تحالفًا سياسيًا، ولكنها خيار ووُجهت الدعوة لانضمام المملكة ورحبنا بذلك”. ثم بحس الأمير محمد والقراءة الذكية حاول أن يهدىء من قلق كبير المذيعين وقال له: “البريكس ليست مجموعة مناوئة للولايات المتحدة أو للغرب”، ثم عاد وزاد من وتيرة القلق لدى بيتر وذكّره بوجود حلفاء آخرين مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

من ضمن محاولات التذاكي في اللقاء قول المذيع: لقد ذكرت أن الصين توسطت لاستعادة العلاقات مع إيران، فرد سموه: الصين هي التي اختارت أن تكون وسيطًا ولم نخترها.

بوجه عام كشف اللقاء عن اهتمام الأمريكيين بمستقبل العلاقات السعودية الصينية، وكما هو معروف أصبحت الصين شبحًا اقتصاديا مخيفًا للولايات المتحدة الأمريكية، لدرجة أنني شعرت بأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أصيب بـ (هيستريا) وهو يردد اسم الصين في لقاءاته الإعلامية. فلا يكاد يمر لقاء دون أن يذكر الصين ويحاول جاهدًا شيطنة العالم ضدها، وقد فعل الأمريكيون ذلك واستفزوا الصين من خلال زيارة وزيرة خارجيتهم لدولة تايوان.
المتابع لتحركات البيت الأبيض يدرك مدى توجس الأمريكيين من التنين الصيني ومن التحالفات الجديدة التي يلعبها كبديل عن الدولة العجوز وهذه التحركات أقلقت “أمريكا” وحاول مذيع قناة فوكس نيوز أن يخرج ولو بمعلومة جديدة في اللقاء ولكن لم ينجح في ذلك.

ختامًا
انتهى لقاء سمو ولي العهد مع قناة فوكس نيوز باعتراف كبير مذيعي القناة بعبقرية سمو ولي العهد عندما قال: لقد أصبحت بالفعل لاعبًا كبيرًا على المسرح العالمي.
لقد لمس بيريت ذكاء ودهاء الأمير محمد بن سلمان عن قُرب. كانت إجابات سموه واقعية ومنطقية وحكيمة وفيها دبلوماسية أحبطت الاستدراج الصحفي للحصول على إجابات قد تستغل صحفيا من الإعلام الأمريكي لتحقيق أهداف لا علاقة لها باللقاء.
لقد كان المذيع أمام شخصية شابة تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، وأمام قائد وطني محنك صاحب رؤية وفكر متطور وله طموح لنقل المملكة والشرق الأوسط إلى مستوى الدول المتقدمة بعقلية متزنة ومستقلة بقراراتها بعيدا عن أي وصاية دولية.

اللقاء أكد على نجاح سياسة المملكة الخارجية وأن تعدد الأقطاب سياسة سعودية جديدة أتت ثمارها بشهادة كبير مذيعي قناة فوكس نيوز الأمريكية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ألف تحية قلبية مورقة لوطن الأمجاد والبطولات والحب الإنساني ؛
    وللقائد الفذّ صاحب الفكر المضيء؛ والرؤية الحضارية المزدهرة؛ ولي العهد الأمين حفظه الله 🌷
    ودمت بخير وعافية أيها الأديب الإعلامي المهذب🌷

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى