إليك أيها المُعلم.
قبطان سفينة الأمان
الحياة رحلة قصيرة، تأخذنا إلى مفترقات عديدة، ونتعرض خلال تلك الرحلة إلى مواقف متنوعة بين شدة ورخاء وفرح وحزن ونجاح وفشل وتقدم وتأخر، ونحن في تلك الرحلة وإن طالت نشتاق إلى لحظة الوصول إلى بر الأمان، وهنا يتجسّد أمامنا قبطان السفينة الذي سيقودنا طوال رحلة حياتنا، ويأخذ بأيدينا إلى الحياة الآمنة ذاك هو المعلم، كيف لا وهو الذي كان له الفضل الكبير بعد فضل الله في تزويدنا بسلاح العلم والمعرفة، وأنار أمامنا الطريق للوصول إلى مدارج النبل والفضيلة.
فالمعلم أساس العملية التربوية وقائدها، فهو الذي يُديرها ويُنظّمها، ويجعلها فعالة بعطائه الدائم ومعرفته الواسعة وخبرته المتنامية، فهو بمثابة القبطان الذي سيرسو بالسفينة إلى بر الأمان؛ إلى العلم الحق، فالمعرفة أمان ونجاة، والجهل خوف وطريق نحو الانحدار.
وإذا فصلنا القول في المعلم فلن تكفي صحف ولا أقلام، ولن نجد من لسان حالنا ومقالنا ما يصل بنا إلى الختام، ولكن نوجز التعبير في مفردة حروف معلم؛ فحرف (الميم) مجد تليد وتاريخ عريق يبنى على سواعد المعلم المربي، يتوارثه الأبناء عن الآباء، والأجداد، ذاك في تاريخ الأمة التي يخلد ذكرها ، ويعلو مجدها، وترفل بلباس العزة والتمكين، فالعلم هو أداة لبناء الأمم.
وكما قال الشاعر:
العلم يبني بيوتـًا لا عمـاد لها
والجهل يهدم بيت العلم والكرم
وحرف (العين) عبق وأريج يفوح شذاه طيبًا في حياتنا من خلق المعلم القدوة، وعالم من السعادة تنشر خيوطها في ثغر الحياة رسمها لنا معلم مُلهم ومُيسر.
ولنا في حرف (اللام) معنى فريد ينطق به لسان معلم ورسول مبلغ بلسان ناصح وأمين؛ ليترجم لنا كل قيم التسامح والنزاهة والوسطية التي هي قيم المواطن المعتز بهويته، والمعترف بفضل وطنه وولاة أمره -حفظهم الله- ورعاهم.
ونختم بحرف (الميم) لنجمل كل تلك المعاني في وصف المعلم؛ فهو منار شامخ يرفرف في سماء الكون، ومرسى آمن لركاب سفينة الحياة. فأنعم به من معلم.
وليس لنا في نهاية المطاف بعد حديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام- إلا أن نقف للمعلم تقديرًا وإجلالًا، ونرفع الأكف بالدعاء له أن يجزيه عنا خير ما جزى معلمًا عن طلابه، ومربيًا عن أبنائه.
قال رسول الله ﷺ: “معلم الخير يستغفر له كل شيء. حتى الحيتان في البحر”.