أصبحت شركات تأمين السيارات حديث المجالس السعودية، بسبب مُغالاتها في رفع أسعار تأمين السيارات إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سابقًا..
هل سبب هذا الغلاء الفاحش هو قرار إدارة المرور الذي صُدر مؤخرًا بتفعيل رصد مخالفة عدم التأمين آليًا؟!
إن كان كذلك فتلك مسؤولية المرور بالدرجة الأولى، وإن كان ليس كذلك فنرجو كمواطنين من إدارة المرور أن تتدخل وتحدد لشركات التأمين أسعارًا معقولة ومقبولة، فهدف المرور من فرض عقوبة على السيارة غير المؤمنة هو هدف نبيل يصبُّ في مصلحة الحفاظ على سلامة وأمن السائقين والمجتمع بصفة عامة، ولكن لا نريد أن يتحول هذا الهدف الإيجابي إلى هدف سلبي وجشع لدى شركات التأمين، فما يحدث لدى بعض شركات التأمين يؤكد بأن العنوان الأبرز في أجنداتهم هو استغلال الناس بفرض تلك المبالغ الضخمة للتأمين سنويًا، فكأنها تنطبق عليهم الآية الكريمة (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (ق: 35)، وإزاء ذلك فإن شركات التأمين بحاجة ماسة إلى تدخل رسمي من الجهة المعنية، لتقنين أنظمتها ووضع ضوابط وإجراءات عادلة تراعي مصالح الجميع، فالحاصل حاليًا أن الشركات لا تُفكر إلا في مصالحها فقط، حيث تتفاوت في الأسعار حسب ما تريده كل شركة، وأغلبها بالتأكيد رفعت الأسعار، ولكن بتباين كبير بينها بالرغم من كونها تهدف إلى حالة تأمين واحدة، سواءً تأمين ضد الغير أو تأمين شامل، هذا أولًا..
وثانيًا.. الشركات تفرض تأمينًا سنويًا على جميع السائقين بنفس المبالغ، ولا تفرق بين السائق المتهور أو (المنحوس) الذي ارتكب حادثًا أو عدة حوادث خلال العام، وبين السائق الملتزم بالنظام أو (المحظوظ) الذي لم يرتكب أي حادث خلال العام، فالسائق الأول سيكلف الشركة دفع مبالغ باهظة بسبب حوادثه، والسائق الثاني لن يكلف الشركة قرشًا واحدًا..
وثالثًا.. جميع الشركات تفرض التأمين على عدد السيارات، حتى لو كان مالكها أو سائقها شخص واحد، وكان من الأولى أن تفرض التأمين على السائق وليس على السيارة، فالسائق هو الذي يقود سيارته أو سياراته، وبالتالي فهو المسؤول عن وقوع الحادث من عدمه، ثم إن إدارة المرور في الأساس لم تهدف إلى حماية السيارات بالدرجة الأولى بل هدفت إلى حماية الأرواح البشرية !!
وعودًا على بدء، لنؤكد بأن أملنا نحن المواطنين والمجتمع بصفة عامة، أملنا بعد الله في وزارة الداخلية ممثلة في إدارة المرور، للتدخل وحل هذه الإشكالية، فهي الإدارة المسؤولة عن أمن المجتمع وحمايته من كل ضرر، أما شركات التأمين فليس لها أي هدف سوى تضخيم حساباتها من جيوب أفراد المجتمع، وهذا ظلم وإجحاف، والله المستعان.
(Tramadol)