المقالات

فارس “الديربي” .. هل تتذكرونه؟

لم يحتاج الأهلي لأكثر من 31 دقيقة، ليقول كلمته، ويسدد أكثر من فاتورة عالقة، ويطير بغنائم الحفلة الكبيرة، في تلك الدقيقة بالضبط، كان (الرئيس) كيسيه، ووسط هدير مدرجات ديربي جدة التاريخي “العالمي”، أعلن نجم الأهلي، الدولي الإيفواري “فرانك كيسيه”، وضع بصمته .. عندما سجل هدفًا (سينمائيًا)، في الزاوية اليسرى لحارس الاتحاد قروهي، لتنتهي المقابلة بذلك الهدف، الذي أعلن حقيقة علو كعب الأهلي أمام جاره الاتحاد في معارك الديربي، كتفوق تاريخي لمصلحته للمرة الـ12 مقابل 9 للاتحاد، وثماني تعادلات.

الديربي المنتظر غاب عامًا كاملًا، نتيجة هبوط الأهلي إلى دوري يلو، وفي تقديري أن الأهلي كان بحاجة ماسة أكثر من الاتحاد إلى هذا الفوز، ففوق أنه فوز نقطي، إلا أنه أيضًا جاء فوزًا نفسيًا ومعنويًا مهمًا، منح الأهلي ثقة أكثر بنفسه، وأريحية وشعورًا، عزز شعوره – وشعور الآخرين – بأنه حتى وإن هبط، فإنه يظل ركنًا ركينًا وسط الكبار، وأن هبوطه إلى الدرجة الأولى، أشبه بعثرة جواد، سرعان ما نهض منها كفريق عريق ومتمرس وخبير له تاريخه، وبذلك جاء انتصاره على جاره الاتحاد البارحة تأكيدًا على تلك الحقيقة.

بالطبع – في الجانب المقابل – فإن خسارة الاتحاد ليست نهاية كل شيء، فباستطاعة عملاق كالاتحاد الفريق البطل أن يعوض تلك النقاط الثلاث في الجوالات القادمة، وبالنسبة للأهلي حتى لو تعثر في المباراة القادمة، فإنها لن يكون لها تأثير سلبي ومعنوي كبير، فيما لو أنه سقط في الديربي.

ما لفت إليه الانتباه ديربي جدة العالمي البارحة، أن صندوق الاستثمارات السعودي، استطاع أن يؤكد نجاحه مجددًا، بعد أن استحوذ على الأندية الأربعة الكبار، وبعد استقطابه لها حزمة من نجوم الكرة العالميين، ما لفت الانتباه إلى كرة القدم في بلادنا، وإلى الدوري السعودي للمحترفين “روشن”، وكل يوم يزداد التأكيد على هذه الحقيقة، وعلى حكمة المسؤولين، ونظرتهم الاستشرافية بعيدة المدى، ولعل ديربي جدة جاء ليعزز هذه القناعة، وهذه النظرة الصائبة، فاستحال من ديربي محلي، إلى ديربي عالمي منتظر، كريال مدريد وبرشلونة مثلًا.

ولقد رأينا – ورأى العالم معنا – اللمسات والمستوى الذي قدمه بنزيما وكانتي وفابيو .. ورياض محرز وفيرمينو وفيجا، وبشكل خاص لاحظنا “فرانك كيسيه” حتى وهو يصاب ويشج رأسه ويتعالج لمدة خمس دقائق داخل الملعب، ثم بعد دقائق يسقط ويتعالج مرة أخرى … ثم يصر على أن يواصل اللعب وتقديم فنونه، حتى سجل هدفه الجميل الذي يُدرس – هدف المباراة الوحيد – وبعين واحدة ورأس معصوبة، ليثبت هذا الـ “كيسيه” أنه من المعطيات الجميلة لاستقطابات الصندوق، وأنه مكسب كبير ليس للأهلي فقط، بل وللدوري السعودي.

فبتلك القتالية من الرئيس كيسيه، يكون قد قدم درسًا للاعبينا المحليين، في الإصرار والقتالية وتناسي الإصابة والإخلاص للشعار الذي يرتديه.

بالنسبه للاتحاد كان ملاحظًا أن رغبته في الفوز كانت أقل من الأهلي، وبقي السؤال هل الاتحاد قد تشبع بالبطولات، فوق أنه – أي الاتحاد – لم يستطع أن يفعل الأظهره بالشكل الممتاز والمعروف عن الاتحاد، وأيضًا شاب فريق الاتحاد اللعب البطيء، وعدم القتالية والشراسة المعروفة عنه، وبدا كما لو كان مستسلمًا في هذه المباراة لجاره الأهلي الذي أدار المواجهة باحترافية، إضافة إلى أن نونو سانتو مدرب الاتحاد قد أخطأ بالزج بالدولي “كريم بنزيما” وهو لم يكن جاهزًا تمامًا، ولو أشركه في نصف الساعة الأخيرة من المبارة لربما كان ذلك أكثر فاعلية لفريقه، كما أننا لاحظنا أن الرغبة في المكسب كانت عند الأهلي أكبر وأكثر، وهذه الحقيقة هي أيضًا من الدروس للناديين، وأيضًا لكل أنديتنا، فبالرغبة تملك أهم مفاتيح المباراة، فهي من تصنع الدافعية لبلوغ المراد، وهي كلمة السر .. لكي تحقق ما تتمنى، وما تخطط له.

من جانب آخر فإن التيفو الذي رفعه جمهور الاتحاد، لم يكن موفقًا، ولم يكن “في مكانه”، فقد فسره البعض على أن يحمل شيئًا من التعصب والتهكم على المنافس، وكان ينبغي ألا يكون بذلك الشكل، إن في صورته أو كلماته، فالجملة في التيفو بالإنجليزية:
Remember?
أي: تتذكرني؟
غير موفقة. ولا مناسبة خاصة وأن دورينا أصبح مشاهدًا من قبل أعداد كبيرة من المهتمين بالكرة في أنحاء العالم، ربما يتم قبول الكلمة في تغريدة – ممكن، لكن كتيفو لا – مش حلوة.
وبالتالي فقد كان يتعيَّن الابتعاد عن مثل تلك الأمور الهامشية، في تيفو ينتصب أمام كاميرات العالم، صحيح ربما – أقول ربما فقط – كانت مثل هذه الحكايات في السابق ممكنة، كنوع من عبارات التنافس في الديربيات أو الكلاسيكو .. لكن الآن لا .. لأننا نحتاج الآن فقط إلى تيفو يحمل معاني أكثر جمالًا وأكثر منطقية ومعقولية، وأكثر انسجامًا مع النقلة التي وصلتها الكرة السعودية.
اللافت أن الأهلي رد بتغريدة، على تيفو الاتحاد، وهو يقول:
YES WE REMEMBER
أي: نعم، أتذكرك؟
.
بقي القول … إن من لفتتات الديربي شيئًا عجيبًا ظهر كمفاجأة غير متوقعة، وجاء ملتصقًا في شخص حارس الأهلي، الدولي السنغالي “ميندي” .. الذي تألق بشكل غير متوقع، ووجد نفسه واستعاد الثقة، وألغى ثلاثة أهداف اتحادية، أحدها من ” كريم بنزيما ” أفضل لاعب في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى