بمناسبة اليوم العالمي للمعلم الموافق الخامس من شهر أكتوبر أتقدم لمعلمينا ومعلماتنا بجزيل الشكر وعظيم الامتنان على جميل صنعهم وأثر عطائهم؛ فقد أهلوا وخرجوا لنا الكفاءات والمهنيين العسكريين والمدنيين.
فما نظرت لعمل إلا وكان للمعلم فضل في أساسه؛ فإذا رأيت لوحة فنية وقفت احترامًا لمن رسمها، ولو أعجبتك قصيدة شعرية رائعة مجّدت شاعرها وإن رأيت مبنى معماريًا وبه لمسات فنية امتدحت المهندس الذي صممه، وإن نجحت عملية جراحية معقدة شكرت الطبيب المعالج وأصل ذلك بعد الله هو ذلك المعلم الذي علَّم كل هؤلاء، كيف يمسك القلم ويقرأ الحرف، ويمسك بالريشة ألا وهو المعلم.
والعلماء وهم ورثة الأنبياء نقلوا العلوم للناس، واستمر هذا الدور بما يقوم به المعلمون؛ فحملوا مشعل النور والهداية ليشعلوا به جذوة النور ويوقدوا به عقول الناشئة؛ لينهضوا بأوطانهم.
وبهذه المناسبة أتمنى على معالي وزير التعليم، وهو رجل الحوكمة والإدارة أن يكون المعلم الأولى بالرعاية وأن يقدمه على ما سواه، وأن لا يزاحمه في الأهمية والاهتمام غيره بدءًا من الشروط المؤهلة للوظيفة، وكيفية التحقق من توافرها فيه كالقدرة على التاثير وإيصال المعلومة والتحقق من أن يكون قدوة لطلابه ثم تدريبه وتأهيله وأخيرًا كيفية أداؤه لعمله، وانتهاءً بالحقوق والمزايا. فإنه بقدر ما نحسن اختيار المعلم وتأهيله وتحفيزه ليصل إلى مرحلة الشغف بهذه المهنة (فالشغف يصنع الإبداع والإبداع يحطم المعوقات) بقدر ما نصل لتعليم متميز، وكلما تميز تعليمنا كلما تقدمنا وتصدرنا العالم.
وأن على المجتمع ونحن في يوم المعلم العالمي أن يقر للمعلم بالفضل ويقدم له الشكر والدعاء، وقد صدق أمير الشعراء شوقي؛ إذ يقول:-
قُـم لِـلـمُـعَـلِّمِ وَفِّه التَبجيلا كـادَ الـمُـعَـلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَـلِـمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَـبـنـي وَيُـنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
يُذكر أنه بعد القنبلة النووية واستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، جاء معلم لمدرسته التي تهدمت؛ فجمع طلابه وجلس على الأنقاض وبدأ يشرح لهم الدرس. تُرى كم هو الأثر الذي تركه هذا العمل وكم هي القيم والمبادئ التي غرسها هذا المعلم في نفوس طلابه التي لن تغرسها آلاف المحاضرات ولا آلاف الكتب والمجلدات.
وفق الله معلمينا ومعلماتنا لكل خير وأعانهم على تحمل أعباء مهنة الأنبياء، ونفع الله بهم وبعلمهم.
0