المقالات

لاتنازل

الوطن أسمى أماكن الكون وأشرفها وأعظمها وأطيبها وأجملها، ليس له شبيه وليس له مثيل في الفخر والشرف والعز. يعتز الإنسان بوطنه في كل شؤونه، في كل تفاصيله، في مجمل أحواله ويظل هذا الوطن الغالي تحديداً أغلى أوطان الأرض محبة وجمالاً وبهاءاً وقدراً فلا مساوامة في حبه، ولا في الذوذ عن حياضه، وعن كل شبر فيه. فكل فقدان يعوض إلا الوطن فقده يعني الموت والذل والهوان والضياع إلى حيث لارجعة فلا تنازل عن الوطن ولو بمثقال ذرة.

الأم الحب الدائم، والعشق الخالد، والغرام الهائم. كل الحب تستحقه وما بعد الحب أيضاً، كل التقدير تستحقه وأكثر من ذلك، وكل الوفاء تناله عشقاً وماهو أبعد من حدود الوفاء. إنها الحياة العظيمة، والجنة الجميلة، والحنان والأمان والاطمئنان حيث ما كانت موجودة تنبض دقات القلب فرحاً في وجودها، وحيث ما كانت حاضرة تحلو الدنيا في حضورها، وحيث ما كانت نظراتها الحنونة كانت المشاعر في الفؤاد متوقدة فلا تنازل في كل الأحوال عن حب الأم.

الأخ المحب نعم السند، ونعم العون، ونعم الرفيق بعد الله تعالى..أينما كُنت تأمل في الحال حضوره، وكيفما احتجت تتمناه في مقدمة تواجدك، وكلما اشتدت عليك ظروف الوقت أسندت أثقالك المرهقة على أكتافه. ترى شخصك في شخصه، وتراه أقرب من نفسك لنفسك وأنفاسك فهو يفهمك قبل أن تتكلم، ويفعل ماتريد قبل أن تطلب، ويدرك ما تقصده قبل حديثك، ويكون على عجل في قضاء حوائجك جميعها فما تمتلكان من مواقف قديمة، وأحداث ماضية كانت هي الأساس الصلب في الحاضر والمستقبل فلا تنازل عن الأخ مهما كلف الأمر.

الصديق نعم الأخ الذي لم تلده أمك يوماً ما. تتحسس الوجوه هنا وهناك حتى تجده في مناحي الحياة، وإذا وجدته جعلته اختيارك الدائم، وإذا صادقته وصدقته تستميت في المحافظة على صداقته العميقة، هو رؤياك المبهجة في دنياك الرحيبة، وهو مشعل طريقك حين تسير في الطرقات البعيدة، وهو أملك حين تضيق بك كل السبل وتنقطع. وفي الحقيقة الصديق والأخ وجهان لخيار واحد عظيم فلا تنازل عن الصديق مهما كان الشأن.

الجار اختياره في المقام الأول قبل الدار فحين يكتب لك المولى عز وجل التوفيق والسداد في مجاورة ذلك الإنسان الفاضل تجد أن كثيراً من الصعوبات سوف تزول، وكثيراً من المعوقات سوف تنتهي، وكثيراً من المتاعب سوف ترحل. هو عينك في حضورك وغيابك، هو الخط المباشر في الدفاع عن حقوقك، هو الباحث عن استقرارك الآمن والمريح في كل وقت وحين فلا تنازل عن الجار مهما حدث.

من البدهي أن لكل إنسان حقوق تقابلها واجبات في حياتنا اليومية، فكما على كل إنسان واجبات ينبغي عليه أن يقوم بها تجاه دينه ووطنه ومجتمعه، فله أيضاً حقوقاً مكتسبة من النظام فكل حق أجازه لنا النظام المعنيون ملزمون بتنفيذه وقت الحاجة له سواء في العمل الرسمي، أو في المصالح الشرعية، أو حتّى في الطرقات العامة فلا تتنازل عن الحق الشرعي في كل ما يحفظ للمسلم حقوقه وخاصة حفظ النفس.. فنفس المسلم غالية ولا تقدر بكل أثمان الدنيا مهما تعالت الأصوات على الطرف الآخر فلا تنازل عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى