المقالات

عن العدوان الإسرائيلي والجهود الصامتة والمؤثرة للسعودية

لا أحد يمكنه نكران أو تجاهل التغيير الكبير في اللهجة الأمريكية تجاه العدوان على غزة بعد زيارة بلينكن للسعودية؛ وخصوصًا في الفترة التي فصلتها عن زيارته الثانية حين عاد مجددًا للرياض في أقل من أربع وعشرين ساعة، صرح بايدن بأنه “علينا أن نعترف بأن معظم الفلسطينيين غير مسؤولين عن تصرفات حماس” ثم أعادت إسرائيل مياه الشرب للقطاع رغم أنها لا زالت مستمرة في عدوانها لكن الموقف الأمريكي أصبح أقل تساهلًا مع إسرائيل ممَّا كان عليه، ذلك اختراق واضح ستتبعه خطوات تخفف من معاناة الفلسطينيين، ويضع بعض الضوابط لذلك الموقف الغربي المنحاز لإسرائيل.

في الحقيقة كان موقف السعودية واضحًا منذ بداية العدوان على لسان ولي العهد، ومن خلال بيان الخارجية الذي يدعو لحماية المدنيين ويحمل الاحتلال المسؤولية، ويؤكد بأن لا حل سوى حل الدولتين الذي تتبناه المملكة وبقية الدول العربية.
منذ اليوم الأول للعدوان تقوم السعودية بجهود حثيثة؛ لحث المجتمع الدولي على حماية الفلسطينيين، واتصلت بالقادة والمسؤولين شرقًا وغربًا تحثهم على تحمل مسؤولياتهم إلى جانب أنها تستخدم كل المتاح لها من وسائل ونفوذ لوقف العدوان.

هذه المدرسة التقليدية السعودية الواقعية، والتي تفضل العمل على إطلاق التصريحات في الهواء تقابلها أطراف أخرى في المنطقة مهمتها التصعيد والاختباء والتهرب من المسؤولية عندما يجد الجد، ولعل هذه الأطراف تلعب أدوارًا في المنطقة تماثل الدور الإسرائيلي فهي تقتل وتحتل وتهجر، لا يختلف الطرفان إلا في العباءة والمظهر، الجوهر واضح هو إيقاع أكبر ضرر ممكن بالعرب والوقيعة بينهم وتشويه صور الدول العربية الوازنة، وقادتها في عيون الشعوب العربية.

تتكرر نفس القصة عند كل عدوان إسرائيلي، يسعى العرب للتخفيف من معاناة الفلسطينيين وتسعى تلك الأطراف الإقليمية للمتاجرة بهذه المعاناة، لعله من المهم أن نشير إلى أنه في هذا العدوان وخلافًا للمعتاد هناك مساحة أقل لكذبهم، لعله وعي عربي تحسن أو أن الكذبة أصبحت مكشوفة، في كل الأحوال الجهود العربية هي التي ستفيد الفلسطينيين، قد يرى البعض أنها “غير كافية” لكن الحقيقة أنها جهود مضنية تستخدم فيها السعودية وبقية أشقائها كل ما أمكنهم، الشعارات الفارغة نعيشها منذ النكبة فلا هي حررت أرضًا ولا هي صنعت سلامًا.

من المؤسف الاعتراف بأن الفصائل الفلسطينية لا زالت تفشل في استثمار هذه الجهود الواقعية والفعالة للدفع باتجاه حل الدولتين، أنا أزعم أنها لو تعاونت بما فيه الكفاية مع السعودية في الماضي لكان الفلسطينيون الآن ينعمون بدولتهم المستقلة.

من يدري لعله بعد وقف هذا العدوان قد تحدث تلك النقلة؛ ففي النهاية سيخرج الإسرائيليون من عدوانهم أكثر إدراكًا أن ما تعرضه السعودية هو الحل الوحيد والممكن، والذي سيضمن لهم الأمن والشرعية، الفلسطينيون باقون في أرضهم والعرب ذاهبون لمزيد من التطور والقوة، الإسرائيليون أحوج للسلام لو عقلوا…..

وداد أميه

كاتب صحفي- موريتانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى