طغت أحداث غزة على العالم وأصبحت حديث الجميع، وتسمَّر الناس أمام الشاشات فالخطب جلل والمصاب كبير، وكالعادة الأطفال والنساء أكثر الضحايا.
غزة السجن الكبير الذي يعيش بها حوالي 2.5 مليون نسمة في أكبر كثافة سكانية بالعالم تحت حصار شامل، ومن المعلوم أن الضغط يولد الانفجار.
قبل أيام أصبحنا على أحداث متسارعة بهذا القطاع؛ إذ نقلت لنا الأحداث إقدام جناح منظمة حماس العسكري بإطلاق صواريخ على الجانب الإسرائيلي ودخول عشرات الفلسطينيين إلى عُمق القطاع بالجانب الإسرائيلي، واستطاعت إسرائيل أن تصور هجوم الفلسطينيين بالإرهاب، واستغلت بعض الصور والأحداث لتعمي على أعين العالم المتعامي أصلًا عن الحقوق الفلسطينية، وتركت مساحة من الوقت والمكان لحماس ثم قام الجيش الإسرائيلي بكل قوة وعنف بعد أن ضمن تعاطف الغرب واصطفافه معه باستخدام كل الأسلحة، ولم يستثنَّ شيئًا فلا مستشفى ولا مدرسة ولا مسجدًا فخرت أسقف البيوت على أهلها وأبيد الآلاف من الفلسطينيين.
وكالعادة انقسم الناس في هذه الأحداث من أول وهلة بين مرحب وشامت وبين محذر ومتوعد، ظهرت أصوات تتهم حماس بأنها تنفذ أجندة إيران المتماهية مع إسرائيل لتحقيق أهداف مهمة كتعطيل مشروع سلام الذي تقوده المملكة العربية السعودية لتنفيذ المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، وتنقذ إيران من عُزلتها وتجريدها من ذرائعها التي تدلس بها على العوام، وأنقذت هذه الأحداث رئيس الحكومة الإسرائيلية من السقوط، وعند كل جريمة إذا أردت أن تعرف الفاعل فانظر من المستفيد.
ورغم اصطفاف الغرب مع إسرائيل، وحشد حاملات الطائرات والبوارج الحربية، وتقدم الدعم على كل الأصعدة إلا أن همجية الجيش الإسرائيلي، وظهور مناظر التدمير والتهجير والقتل والإبادة الجماعية وتبجح قادته بأنهم يريدون تطهير غزة من أهلها فضح أهدافهم وعراهم أمام العالم الذي بدأ يفيق من صدمة التعمية لآلة الإعلام الصهيونية، وبدأت الأحداث ترجع لصوت العقل ومنهج المنطق الذي يُطالب بأن هذه الأحداث ككرة الثلج كلما تدحرجت كبرت، ولن تنتج حلًا فلن تستطيع إسرائيل سحق الفلسطينيين وإخراجهم من أرضهم ولن تستطيع حماس هزيمة إسرائيل إذًا ما الحل؟!
الحل هو السلام الذي يُنادي به عقلاء العالم أجمع وتستخدم السعودية ثقلها لتنفيذه، وقد استطاعت حتى الآن أن تحشد موقفًا مشرفًا بعد هذه الأحداث وبدأت تظهر بوادره بتأييد دولي كبير جعل أمريكا تتراجع عن اندفاعها الأعمى وراء إسرائيل لحل سلمي فيما أفضت همجية الجيش الإسرائيلي إلى سحب البساط من تحت أقدام إسرائيل الذين يصورون أنفسهم للعالم بأنهم ضحية، وقد قيل السلام يُولد من رحم الحرب وقالت العرب: كم في المحن من منح؛ فهل ينبلج نور السلام من نفق الحرب؟.. نرجو ذلك.
بقي أن نعلم بأن إسرائيل دولة حرب لا دولة سلام، وأن السلام يُقيدها ويغل أيديها الملطخة بدماء الأبرياء؛ ولذلك دائمًا تستغل الأحداث مهما كان حجمها وإلا اختلقتها وأوجدت الذرائع لشن الحرب؛ فالحرب طوق النجاة، والسلام موت سريري.
0