من أهم كتب أدب رحلات الحج، كتاب “مرآة الحرمين” لمؤلفه أمير الحج المصري اللواء إبراهيم رفعت باشا ، نشر الكتاب عام 1925م. تعود أهمية هذا الكتاب إلى المعلومات الدقيقة والمشاعر الدينية التي حرص المؤلف على تسجيلها لحظة بلحظة خلال رحلة حجِّه من القاهرة إلى مكة المكرمة؛ مرورًا بمدينة جدة على البحر الأحمر ومن ثم المدينة المنورة، يحتوي هذا الكتاب التاريخي على الوصف اللحظي للأحداث، ومُزوَّد بمئات الصور الشمسية النادرة عن المدينتين المقدستين.
قدَّم المؤلف وصفًا دقيقًا لمكة المكرمة وشوارعها في ذلك العام، وفيه يقول: طولها من الشمال إلى الجنوب ميلان، وعرضها شرقًا من جبل أبي قبيس إلى أسفل جبل قعيقعان من الغرب ميل واحد، يقطع الماشي طولها في نحو نصف ساعة، ومع كون عرضها دون طولها يقطع في زمن أكثر مما يقطع فيه الطول، وذلك لوجود أماكن على تلال في كل من جانبيها.
تقع مكة المكرمة ببطن وادٍ يحيط به سور من الجبال الشامخة قد بُنيت عليها الحصون المحكمة، وليس بسورها الجبلي ثغرات إلا حيث مداخلها الأربع، ففي الشمال الطريق إلى منى، وفي الجنوب الطريق إلى اليمن، وفي الشمال الغربي الطريق إلى وادي فاطمة، وفي الشرق الطريق إلى جدة. وتلك الجبال تكون سلسلتين شمالية وجنوبية، تتركَّب الأولى من جبل الفلج غربًا ثم جبل قعيقعان ثم جبل الهندي ثم جبل لعلع ثم كَداء (بفتح أوله ومد آخره)، وهو في أعلى مكة ومن جهته دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، والثانية تتركب من جبل أبي حديدة غربًا يتلوه جبلا كُدَى وكُدَيّ (كلاهما بضم أوله والأول مقصور والثاني مصغر) بانحراف إلى الجنوب ثم جبل أبي قبيس إلى شرقيهما ثم جبل الخندمة.
أما عن شوارع مكة ومبانيها؛ فقد ذكر المؤلف أهم الشوارع وما فيها من البنايات والمساجد والآثار، مفردًا الهام منها بالوصف التفصيلي، قائلًا: شوارع مكة ضيقة غير منتظمة ما عدا شارعًا مشهورًا يقطعها من جنوبها الغربي إلى شمالها الشرقي يبتدئ من الشيخ محمود أو جرول مارًا بباب العمرة ثم المسعى وعلى طريق القشاشية وسوق الليل إلى آخر مكة من جهة المعلاة، وعرض الشارع بين ثمانية أمتار وعشرة وعشرين، ومن الحارات النافذة إلى الشارع المذكور، حارة الباب، وحارة الشبيكة، والسوق الصغير، وجياد وسوق الليل وسوق الصفا والمسعى، والقشاشية عن اليمين، ويليها الغزة ثم سوق المعلاة والبياضية، وعن يسار القشاشية المسعى إلى المروة الذي به يسارًا باب السلام ويمينًا طريق المدعى ثم الجودرية ثم المحناطة، ومن حارة الباب ينفذ إلى سوق الشامية ومنه إلى المروة، وقد أرفق المؤلف خريطة توضيحية تظهر مكة المكرمة وشوارعها في العام الذي أدى فيه المؤلف فريضة الحج عام 1904م.
0