أسري إليـه طَــروباً أغــزل الأمـــلا
وأستحثُّ قناديلَ المسا عـجِـلا !
أراوغُ الليلَ..أستدني الطيوفَ إلى
حدائقِ الشعر..أفتضُّ السَّنا ثَمِلا!
كأنني ونميرُ الشعر منسـربٌ
صادٍ إلى النبع مرتاعَ الخُطا وجلا !
لما دنا أجهشتْ في الـــروح أغنيةٌ
وزايلتْني عذاباتُ النوى أملا !
وهيأتْ لي رؤى الإلهام قُبَّتَها
فكدتُ أحسبها في الجنَّة النُّزلا!
وبين أسئلةٍ سلَّتْ خناجرَها
عمَّا تعاورَنا أطرقتُ ممتثلا!
هناك كنتُ أرى الأزمانَ واجفةً
ومن أعاتيبِها ألفيتُني خَجِلا !
نادیتُ يا شـعـرُ هـل أعراسُنا انطفأتْ؟!
أم أننا وحدنا من أطفأ الشُّعلا؟!
و هل مواسمُنا ألقتْ بيادِرَها
في لجَّةِ اليمِّ أم ضلَّتْ بنا السُّبلا؟!
وأين ترنيمةُ الركبانِ هل سقطتْ
من شرفة الأمس والسربِ الذي رحلا ؟!
وثورةٌ لأخي البيداء هل طُمستْ
أم أثمرتْ بطلاً واستنهضتْ مُثلا؟!
لله ما أكرم الرُّجعى إلى زمنٍ
باتتْ مآثرُه تذكارَ من رحلا!
يا فيلَقَ الشعرِ عنك الأرضُ ما احتجبتْ
و في ميادينها نلقاكَ مشتعلا!
قصورُ أندلس الوسْنَى تعانقنا
وفي بساطِ الندامى ننتَشي جذَلا!
وضوءُ قرطبةَ الفيحاءَ يحملنا
على جناحيه كيما نرتقي زُحلا!
وصوتُ غرناطةَ المنغومُ يبدهُنا
أنْ عانقوا سفْحيَ الريَّانَ والجبلا!
هنالك الشَّدو في الآفاق مؤتلقٌ
أريجُ ريحانِه الفوَّاحِ ماذبُلا!
والنرجسُ الغضُّ والأنهارُ جاريةٌ
والمترفاتُ التي تستلهم القُبَلا!
ممالكُ الشعر ما اهتزَّتْ صياقلُها
ولاخبتْ فـأميرُ الشعـر قــد وصــلا !
طافتْ بنا صافناتُ الشعر واهتصرتْ
مدائنَ الحسن والوعدَ الذي اكتملا!
وأينع الشدوُ في السَّاحات واحتشدتْ
حمائمُ الروض في واحاتها رُسلا!
إنَّ الأساطينَ من أهلِ البيان رووا
أنَّ القريضَ لديهم لم يزل خضِلا!
أصداءُ أصواتِهم في الأفق مونقةٌ
مافارسٌ منهم ُ عن صرْحِه نزلا!
فالشعر كان إذنْ طقساً وهينَمةً
وعن مآربنا الشمَّاءِ ما عدلا!
والشعر في ظلِّه الأمجادُ خالدةٌ
وبالمروءات -لا والله- مابخلا!
إذا النجومُ أشاحتْ عن مسالِكها
أعارها الضوءَ والأنداءَ والحُللا !
شاخ الزمانُ وما زالتْ مناهلُه
تحلو وإشعاعُه مازال متصلا!