يحزننا ويؤلمنا، ويدمي قلوبنا ما يحدث للأشقاء الأبرياء في غزة من ظلم واضطهاد وإبادة وتهجير من العدو الصهيوني المحتل -عليه من الله ما يستحق- ولا نملك إلا الدعاء لهم، وهو سلاح المؤمن المتاح في كل الأوقات، غير أن ملف القضية بيد الفصائل الفلسطينية المرتمية في أحضان إيران وجماعة الإخوان، وهؤلاء لم يتعاونوا مع الأنظمة العربية المهتمة بالقضية، ولم يستفيدوا من كل الجهود المبذولة التي قدمت لحفظ كرامة الشعب الفلسطيني منذ أيام طيب الذكر ياسر عرفات الذي كان يراوغ ويستشير مستشاريه على حساب القدس حتى استمر الحال كما هو عليه الآن والذي يصفه قول الشاعر:
إذا كان الغراب دليل قومِ .. يمر بهم على جيف الكلاب
هناك من يقول: “ما يحدث في غزة شأن الفلسطينيين أنفسهم، إن لم تدعمهم لا تدعم عدوهم بتثبيطهم”، ونحن يعز علينا الحال الذي وصل إليه الأشقاء في غزة بسبب تصريحات جوفاء تدعي تحرير القدس، وعندما بدأت معركة طوفان الأقصى اختفوا ووضعوا رؤوسهم عند أقدامهم.
أشرت في مقالي السابق إلى ضرورة تحكيم العقل خاصة في الحرب مع العدو فإسرائيل ليست إلا عدة دول في كيان محتل، ولهذا أهدافها أبعد مما يتصور البعض.
أتفهم الحال الذي وصل إليه الشعب بعد كل هذه السنوات، وأن الكيل طفح لدى الغالبية منهم جراء التضييق والاستفزاز والحصار، ولكن في كل الأحوال لا بد من وجود مرجع موثوق يقود زمام القضية ويحقن دماء الشعب، ولا يلقي بهم إلى التهلكة، وينبغي الاستفادة من الماضي ودراسة الواقع واستشراف المستقبل قبل بدء أي هجوم على عدو بحجم (اليهود) وليس إسرائيل فقط.
المملكة العربية السعودية عبر التاريخ قدمت كل ما في وسعها وزيادة من دعم معنوي ومادي ولوجستي، ولكن أنت تريد وأنا أريد والفصائل الفلسطينية تفعل ما تريد، وشتان بين النائحة والثكلى.
السعودية قيادتها رشيدة وآراؤها سديدة لم تصرّح يومًا بتحرير القدس ولم تدعُ للحرب بقدر ما كانت تحترم النظام الفلسطيني، وتقدم كل ما في وسعها لمساعدته وتطالب المجتمع الدولي الدفع بعملية السلام وفقًا لقرار مجلس الأمن والأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية الرامية إلى إيجاد حل عادل وشامل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ١٩٦٧م عاصمتها القدس الشرقية.
والذين كانوا يصرّحون بتحرير القدس والحرب مع الصهيوني المحتل عليهم الآن ترجمة أقوالهم إلى أفعال خصوصًا بعد القصف الصهيونى لمستشفى المعمداني، واستهداف المدنيين، فليس بعد هذا الفعل جريمة بشعة تخالف كل القوانين الدولية والأعراف الانسانية.
الفرصة الآن مواتية وعلى طبق من ذهب لحركة حماس وقادة الفصائل الفلسطينية وتركيا وإيران وحزب الشيطان بقيادة حسن نصر الله، وكل الذين يدعون تحرير القدس أقول لهم: الآن الوقت المناسب لكم والفرصة جاءت عندكم لتحرير المسجد الأقصى وطرد اليهود من فلسطين، لا سيما وأن مساحتهم الجغرافية صغيرة ومعالمهم معروفة والمسافة قريبة، تحتاج منكم ضربات مركزة يتبعها هجوم سريع، ومن خلفه مساندة ويتحقق النصر بإذن الله على أيديكم أيها “المخلصون”، وإن لم تفعلوا ذلك فأنتم كذابون وخونة ومتاجرون بالقضية الفلسطينية، وتتحملون مسؤولية ظلم واضطهاد الشعب في غزة.
ختامًا
أعلن التلفزيوني الفلسطيني اليوم عن ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 5300 والمصابين إلى 18000 من يتحمل مسؤولية ذلك؟
لم تكن غزة بحاجة لتصرف حركة حماس المتهور الذي جلب الخراب والدمار، ولكن على الشعب الفلسطيني العزيز على قلبي أن يستفيد من حادثة ٧ أكتوبر ويعيد النظر في مناصري القضية من جديد، وأن يأخذ بعين الاعتبار مقولة الأمير بندر بن سلطان “القضية الفلسطينية عادلة ولكنّ محاميها فاشلون”.