ليست الحروب وحدها “جلّابة” المآسي للبشر؛ فعلى سبيل المثال يٌقدر قتلى الحروب بأنواعها بحوالي (١٦٠) مليون شخص خلال القرن العشرين فقط، وبالمقابل فإن وباء الإنفلونزا الإسبانية تسبب في عام ١٩١٨م فقط بزوال حوالي خمسين مليون إنسان، مضاهيًا بذلك قتلى الحرب العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٩م) بثلاثة أضعاف!
يذكر أن أول وباء سُجّل في التاريخ الذي تفشى في العام (٤٥٠) قبل الميلاد خلال ما يسمى بالحرب البيلوبونيسية التي وقعت رحاها على أسوار أثينا اليونانية بين الأثينيين وحلفاء إسبرطة، مؤديًا بحياة (٢٥٪) من سكان المدينة.
ووباء الكوليرا الذي ظهر أول مرة في مستوطنة “جيسور” بالهند وانتشر بعدها في معظم أنحاء المنطقة ثم إلى قارات أخرى من العالم وأودى بحياة الملايين، وقف على أبواب حي “سوهو” بمدينة لندن، مُهلكًا الكثير من سكانها قبل أن يتمكن طبيب بريطاني يدعى “جون سنو” من معرفة أسباب تفشي الوباء، والذي كان بسبب مياه الشرب الملوثة من الآبار المنتشرة في تلك المنطقة من لندن عام ١٨٥٤م.
أما أكثر الأوبئة فتكًا بالبشرية على مر العصور، فهُما وباء الطاعون الدملي ومرض الإيدز، فقد أطلق على الطاعون الدملي مسمى “الموت الأسود” والذي انتشر بين عامي ١٣٤٧م و١٣٥١م، وأدى إلى وفاة حوالي (٢٠٠) مليون إنسان حول العالم، أما الإيدز والذي لا يزال منتشرًا حتى الآن، فقد أدى إلى وفاة ما يُقارب من (٣٥) مليون شخص منذ بداية انتشاره في العام ١٩٨١م.
من المعلوم أيضًا أن الأوبئة الموسمية كالإنفلونزا هي الأخرى تَحصد سنويًا مئات الآلاف، وتُعدي الملايين حول العالم.
ومع تقدم العلم خاصةً في مجال الأوبئة تُمثل اللقاحات خط الدفاع الأول ضد انتشار هذه الآفات والحد من تأثيرها، لذلك يجب الحرص على أخذ اللقاحات الموسمية للمساعدة على الحد من الأوبئة، ومن تأثيرها على أفراد المجتمع صغارهم وكبارهم، والتي توفرها بلادنا الحبيبة بالمجان في شتى المراكز الصحية والمستشفيات والقطاعات المختلفة.
يقول أبو الطب اليوناني الشهير “أبوقراط” في كتابه (مُجمع أبوقراط): كل مرض معروف السبب موجود الشفاء.
0