المقالات

الموقف السعودي من حرب غزة: الدعم والنصرة والتأييد

مرة أخرى يفشل المراهنون والمزايدون والمشككون في الموقف السعودي في دعم وتأييد القضية الفلسطينية، بالرغم من هذا الموقف ظل يتسم بالثبات والاستمرارية على مدى عدة عقود، فأولئك “الحاقدون” على المملكة يحاولون بكل ما أوتوا من جهد تشويه هذا الموقف وتصوير المملكة العربية السعودية على غير حقيقتها، وحيث تثبت الوثائق التاريخية من خطب وتصريحات ووثائق ورسائل ومساعدات ودعم في شتى المجالات، أن السعودية هي الدولة الوحيدة من بين دول العالم العربي والإسلامي التي ظلت تُساند القضية الفلسطينية وتقدم لها كافة أوجه الدعم بشكل متواصل منذ بدايات عهد القائد المؤسس الملك عبد العزيز، ثم في عهد أبنائه البررة من بعده، وحيث وصل هذا الدعم إلى ذروته في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان، واستمرار هذا الدعم دون توقف أو تراجع طيلة هذه السنوات الطويلة لهو خير دليل على إخلاص وصدقية المملكة إزاء القضية العادلة للشعب الفلسطيني التي تعتبرها المملكة قضية العرب والمسلمين المركزية وتضعها في صدارة ثوابتها، وضمن أولويات سياستها الخارجية، ويكفي فقط الإشارة إلى الدعم المالي الذي قدمته المملكة لفلسطين والذي يزيد عن (5) مليارات دولار وبما يُعادل (20) مليار ريال سعودي.

لذا لم يكن من المستغرب أن تنبري المملكة ملكًا وولي عهدٍ وشعبًا في الوقوف بجانب قطاع غزة في تصديه لأكبر هجمة صهيونية بربرية في تاريخ النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، حيث لم يتوقف قصف القطاع بالقنابل والصواريخ والأسلحة المحرمة دوليًا على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، وما يزال هذا القصف مستمرًا فيما بدأ التغلغل البري لمئات الدبابات الإسرائيلية بغطاء جوي ناري لم تشهد غزة له مثيلًا من قبل، ليسقط آلاف القتلى والجرحى والمصابين، حوالى 2500 منهم من الأطفال الأبرياء، سقط معظمهم عندما تهدمت منازلهم فوق رؤوسهم من جراء القصف الإسرائيلي الجنوني.

ولم يكن من المستغرب أيضًا أن ينبري الغرب كله يردد جملته التي لا يمل من ترديدها بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وكأن استهداف المستشفيات والمساجد والمدارس والنساء والأطفال شكل من أشكال هذا الدفاع عن النفس، وقامت الدنيا ولم تقعد على إثر تصريح الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش بأن المقاومة الفلسطينية لم تقم بما قامت به صباح السابع من أكتوبر “من فراغ”، في إشارة إلى مذابح ومجازر إسرائيل ضد الفلسطينيين التي لم تتوقف يومًا على مدى أكثر من ستين عامًا، والتي وصلت إلى ذروتها في الآونة الأخيرة من خلال اقتحامات إسرائيل والمستوطنين لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وللمسجد الأقصى، ومن خلال القتل العشوائي للسكان، وممارسات الأبارتهايد، ومصادرة وضم الأراضي، وهدم المنازل، وحملات الاعتقال، وتوسعة الاستيطان، وغير ذلك من الممارسات العدوانية التي تنتهك فيها إسرائيل القانون الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، فكان رد فعل المقاومة الفلسطينية على كل تلك الممارسات والانتهاكات ما حدث صباح السابع من أكتوبر من اقتحام عناصر المقاومة الفلسطينية لمستوطنات غلاف غزة وقتل 1400 مستوطن وجرح عدة آلاف آخرين، واختطاف أكثر من مائتي أسير، واقتحام العديد من القواعد العسكرية الإسرائيلية بما يعتبر عبورًا آخر (الثاني من نوعه بعد معركة العبور)، ومعركة كرامة أخرى (الثانية من نوعها بعد معركة الكرامة عام 1968).

وقد وقفت المملكة منذ بداية الأزمة – كما هي عادتها – مع قطاع غزة قلبًا وقالبًا، ويمكن إبراز بعض مظاهر الموقف السعودي المشرف على النحو الآتي:
1-عبر سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن الرفض القاطع لاستهداف المدنيين الفلسطينيين بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ذريعة، ودعا إلى حل عادل لإقامة دولة فلسطينية، وفق حدود 1967 بما يحقق الأمن والازدهار للجميع.
2- وفي كلمة له بافتتاح قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بالرياض، قال سمو ولي العهد: “يؤلمنا ما تشهده غزة اليوم من عنف متصاعد، يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء”. وأكد سموه على ضرورة وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين في فلسطين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية.

3-وعبرت المملكة عن موقفها المؤيد والداعم لغزة في اجتماعات الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وأظهرت موقفًا موحدًا بالتضامن مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية في مواجهتها العدوان الإسرائيلي الوحشي غير المسبوق على قطاع غزة.

4- وكان سمو ولي العهد قد أكَّد خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في الرياض في مستهل الأزمة على “ضرورة العمل لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء”، وشدد على “رفض المملكة استهداف المدنيين بأي شكل أو تعطيل البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم اليومية”.

5-وكانت وزارة الخارجية السعودية أكدت في بيان لها، “رفض المملكة القاطع لدعوات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة”، وأدانت استمرار استهداف المدنيين العزل هناك.

6-وفي مكالمة تلقاها سمو ولي العهد من الرئيس الأمريكي جو بايدن أكد سموه على ضرورة العمل بشكل فوري لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء، ورفض استهداف المدنيين بأي شكل أو استهداف البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم اليومية أو التهجير القسري، مشددًا على ضرورة التهدئة ووقف التصعيد وعدم انفلات الأوضاع بما يؤثر على أمن واستقرار المنطقة، وضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ورفع الحصار عن غزة والحفاظ على الخدمات الأساسية، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية.

7- وأكد سمو ولي العهد في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موقف المملكة برفض استهداف المدنيين بأي شكل، وإزهاق أرواح الأبرياء، والتأكيد على ضرورة مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى ضرورة وقف الهجوم على قطاع غزة.

8- كما أكد سمو ولي العهد خلال الاتصال الذي أجراه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع سموه أن المملكة تبذل الجهود الممكنة بالتواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف أعمال التصعيد الجاري، وشدد الأمير محمد بن سلمان على موقف المملكة الرافض لاستهداف المدنيين بأي شكل وإزهاق أرواح الأبرياء، وعلى ضرورة مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني، وأشار سموه خلال محادثته مع رئيسي إلى القلق البالغ من خطورة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والمساس بحياة المدنيين. كما أكد على موقف المملكة الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.

9- ووصف سموه خلال اتصال تلقاه من رئيس وزراء اليابان ما يحدث في غزة بأن “استهداف المدنيين في غزة جريمة شنيعة واعتداء وحشيًا”، مؤكدًا على ضرورة العمل على توفير الحماية لهم، وأهمية تعزيز الجهود لوقف العمليات العسكرية.

10-وشدد ولي العهد أيضًا خلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو على ضرورة رفع الحصار عن غزة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى القطاع.

11-كما تلقى الأمير محمد بن سلمان، اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أكد سموه على ضرورة رفض المملكة لاستهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال، وعلى أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، ووقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية.

12-وصرح سموه في لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في الرياض أن استهداف المدنيين في غزة جريمة شنيعة واعتداء وحشي.

13- وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن السعودية حذرت أمريكا بأن عملية برية إسرائيلية محتملة في قطاع غزة ستؤدي إلى عواقب كارثية بالنسبة للشرق الأوسط.

ليست هذه إلا بعض مظاهر الدعم السعودي لقطاع غزة في مقاومته وصموده أمام العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي يستهدف محو غزة، وإفناءها من الوجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى