كتاب بعنوان “مكة المكرمة- في عيون الشعراء العرب” ، لمؤلفه الأردني الجنسية والحاصل على عدد من الجوائز في كتابة القصة، ومؤلف كتاب “رؤية في أدب الأطفال” الأستاذ الدكتور “عبد الرزاق الحاج عبد الرحيم حسين”، أستاذ الأدب العربي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
تناول الكتاب ما نظمه العديد من الشعراء العرب شعرًا في أطهر البقاع وأبركها مكة المكرمة عبر العصور، بدءًا من العصر الجاهلي، والإسلامي، والأموي، مرورًا بالعباسي، والوسط ، وانتهاءً بالعصر الحديث.
في حبها يقول الشاعر المكي الكبير “السيد محمد أمين كتبي”:
بلادٌ حباها الله أمنًا وكعبةً…يصلِّي إليها الناسُ فرضًا مُحتَّما
مقامُ خليلِ الله فيها محجبًا…ومشرب إسماعيلَ من بئر زمزما
ولو عرف الإنسانُ حرمةَ أرضها…تأدَّبَ فيها واستقامَ وعظّما
الكتاب من الحجم المتوسط بعدد 82 صفحة، ممتع ويستحق القراءة، وقد اقتبست من محتوى الكتاب النص التالي:
لمكة المكرمة رحلة لا تعرها إلا القلوب الظامئة التي لذعها الحنين والشوق، ومضَّها الفراق والتَّوق، فصارت تبكُّ بكّا، وتلبِّي تلبيةً.
هذا الحب الأبدي الدائم للبقعة التي اصطفاها الله -عز وجل- مكانًا لأول بيتٍ وضع لعباده، وقبلةً لجميع عباده المسلمين، لأعظم القرى شأنًا، وأعلاها كعبًا، لمثابة الناس، للبلد الأمين الذي أقسم الله -عز وجل- به، وهذه الرحلة المباركة التي انطلقت بلا توقف لمكة القداسة والعظمة، والشرف، منذ أن علا نداء إبراهيم -عليه السلام- في قوله تعالى: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” (إبراهيم: 37).
سيستمر دفقهما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ورحلة هذا الكتاب إلى أقدس بقعة، رحلة استغرقت الشعر العربي منذ أوَّل نفثة من نفثاته على لسان عاشقها مضّاض الجرهمي الذي انتثر أريحها ليقع في كلِّ فؤاد:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا … أنيسٌ ولمْ يسمر بمكةِ سامرُ
إلى يوم تأليف هذا الكتاب، الذي يدعوك ، لتعبَّ من زمزمه الفياض، وليأخذ بيديك إلى جبل أبي قبيس أحد أخشبي مكة لتطل على مكة الحبيبة، ويراها في كل حالاتها، وتحولاتها، وينقلب إلى كل بيوتاتها وحاراتها ومعالمها، ويسمعك كل عبارات الحبَّ التي فاهت بها القلوب قبل الألسنة، ويُجلَّي لك ما يتعلق بهذا البلد الشريف من مشهور أسمائه، ومكانته، والتأليف فيه، ويعبر بك في محطات عصور الشعر وأغراضه الحميمة الصلة بمكة، ولترى أحداثها وما مرَّ بها، ثمَّ لتجدد على جبل أبي قبيس بدل المعلقات ما عُلِّق من صورٍ وسماتٍ وخصائص لهذا الشعر، ثمَّ يوصلك في المحطة الأخيرة لمقابلة عشاقها من الشعراء.
ثم لتلقي الرحلة عصاها، ويستمر بها النّوى في ظل الحجون، ولتقول معي:
أَمنتُ حوادثَ الأيام لمّا …. ربطت ركائبي بعُرى الحَجونِ.
0