يترهّب البعض من زيارة طبيب الأسنان والفم لما قد يواجهونه من صعوبات، فعيادة طبيب الأسنان بها كرسي مُرهب لا يوجد لدى طبيب غيره، ويبدأ التداوي بحقنة يضعها مباشرة في الفم – أحيانًا بلا مقدمات – وأجهزته العلاجية تصدر بعضها صوت صرير أو أزيز يصم السمع.
إلا أن طب الأسنان اليوم متقدم “بسنين” ضوئية – إن حسن المجاز – عن ما كان عليه في الماضي؛ هنا بعض الشواهد:
أن أول كلية لتعليم طب الأسنان كانت التي أنشأها الأمريكي “جون هاريس” بولاية أوهايو عام ١٨٢٨م، وقبل ذلك كانت مهنة طب الأسنان محصورة في الخلع عند الحاجة من قبل الحلاقين؛ حيث إن كرسي الأسنان “المشؤوم” آنف الذكر في الحقيقة مقتبس من كرسي الحلاق!
ويحكى أنه في الزمن القديم – أيام الرومان تحديدًا – كان بول الأطفال (أعزكم الله) يستخدم لتفريش الأسنان بغرض تبييضها، بجانب استخدامات أخرى كتبييض الملابس مثلاً لاحتواء البول على مادة الأمونيا. فلا تمانع أخي القارئ من الجلوس لدقائق عند الطبيب لتبييضها بمواد أنظف.
كما كانت الأسنان الغائبة تستبدل قديمًا بأسنان بشرية قد يكون مالكوها السابقين قد باعوها للحاجة أو فقدوها كغنيمة في حرب أو سُرقت من قبورهم وبيعت لمشترٍ آت، على غرار أسنان اليوم التي يقوم مهنيو معامل الأسنان بتشكيلها من مواد ذات جودة ومواصفات ونظافة عالية.
ولعلاج رائحة الفم الكريهة، كان القدماء يمضغون حبوب المستكة والبقدونس والقرنفل وقشور الجوافة وأوراق النعناع أو يستخدمون غسولًا للفم مكوّنًا من خليط الماء والشب والملح والخل، أما لتفريش الفم كان القدماء يستخدمون الفرشاة المستخدمة من مقبض عاجي وشعر مصنوع من غرّة الخيل تستخدم مع معجون أو بودرة مكوّنة من قشور البيض المحروقة الممزوجة بالخفّاف، فلا تبخل اليوم على نفسك من شراء مستلزمات العناية بالفم الحديثة المصنوعة من مكونات مختارة بعناية ومستخلصة بدقة وخاضعة لتجارب مختبرية وسريرية عدة ومجتازة للمقاييس والمعايير العالية لحماية فمك وأسنانك.
يقول المَثَل: إذا كانت المعاناة هي الحكمة، لكان مكتب طبيب الأسنان يفيض بأفكار مضيئة!