حسب الدراسات المتعددة، والتي تهتم في البحث ودراسة تجويد البرامج التعليمية للتخصصات الصحية مثل: الطب والتمريض وغيرها من التخصصات الصحية خلصت إلى أن برامج الامتياز تُعد من البرامج التعليمية الهامة والركيزة لتهيئة الطالب إلى الانتقال لسوق العمل بكل يسر وسهولة وأيضًا لتعزيز الثقة واكتساب المهارة خلال تقديم الرعاية الطبية الآمنة للمريض والتعامل مع الفريق الصحي. فما هو الامتياز تحديدًا؟!
الامتياز (internship) هي فترة تدريبية في بيئة العمل الفعلية يقوم بها الطالب؛ ليعزز فيها تطبيق المهارات العملية والسريرية، والتي تعلمها خلال فترة سنوات الدراسة والتأكد من استكمال أي فاقد تعليمي تدريبي أو تعليمي، وفترة الامتياز لها نواتج تعلم مرتبطة مباشرة بالبرنامج التعليمي؛ لذلك معظم البرامج التعليمية تستطيع اتخاذ برامج الامتياز كمؤشر قياس لخصائص الخريجين، والتأكد من تحقيقها.
بشكل عام تتفاوت مدة برامج الامتياز بين جهة وأخرى حسب نوع وجودة البرنامج التعليمي، فعلى سبيل المثال برامج الدبلوم للتمريض تتطلب ٣ أشهر تطبيق الامتياز أما الدبلوم العالي في التمريض فيتطلب مدة ٦ أشهر، وبالنسبة لبرامج التمريض بدرجة بكالوريوس فتتطلب مدة سنة امتياز تدريبية.
قد نجد أيضًا أن منهجية تطبيق الامتياز تتفاوت بين دولة وأخرى، ولكن جميع الدول تتفق على أهمية وجود تدريب الامتياز في برامج الكليات الصحية لضمان الممارسة الآمنة للمهنة، وسأستعرض هنا مقارنة بين دولتين في آلية تطبيق امتياز بكالوريوس التمريض.
التعليم لدراسة التمريض في الجامعات والكليات بالولايات الأمريكية المتحدة برسوم مالية مدفوعة من الطلبة ومعظم الطلبة يضطر إما الحصول على قرض مالي من البنوك تحت مسمى (study loan)، والبعض يكون محظوظًا في الحصول على بعثة جزئية أو كاملة من جهات متعددة خيرية أو من الجامعات لاستقطاب المتميزين، والبعض يحصل عليها من الوالدين أو الأقرباء.
إن هذه القروض بطبيعة الحال لها أنظمة ولوائح مترتبة على الطلبة في النظام الأمريكي، وفيها محاسبات قانونية وجزائية بسبب القعود المبرمة بين الطالب والجهات الممولة، وليس بغريب لذلك أن نرى طلبة بكالوريوس التمريض موظفين مسبقًا بالمستشفيات بأمريكا؛ حيث يبدأون بدراسة برامج أقل تكلفة وأقل درجة علمية إما كمساعد ممرض أو دبلوم تمريض أو أخرى حتى يستطيعوا سداد القروض المترتبة عليهم بموجب القضاء الأمريكي، ومن ثم يستكملون درجة البكالوريوس في التمريض.
النظام الصحي والتعليمي بأمريكا منفصلون تمامًا؛ ولذلك تطلب الجامعات والكليات من الطلبة التقديم بأنفسهم على المستشفيات لطلب التدريب، وقد يترتب على هذا رفض الطلبة من المستشفيات أو وضعهم في الانتظار للتدريب، والمحظوظ من يكون على رأس العمل فيتدرب في نفس عمله وهم الأغلبية كما أسلفت للأسباب أعلاه.
أما التعليم بالمملكة العربية السعودية فهو مجاني في الجامعات الحكومية والتدريب كذلك ولله الحمد؛ ولذلك نجد أن منهجية تطبيق الامتياز في المملكة تعتمد على التنسيق بين الجامعات والكليات مع المستشفيات متمثلة بمستشفيات وزارة الصحة والخاصة والعسكرية بمراسلات رسمية وممنهجة، ويدفع للطلبة مكافآت الامتياز نظير عملهم ٤٠ ساعة أسبوعيًا بدوام الشفتات سواء نظام ٨ ساعات أو ١٢ ساعة. يحصل الطلبة على التدريب بالمستشفيات تحت إشراف ومتابعة الجامعات والكليات، والتأكد من استكمالهم لنواتج التعلم المطلوبة بالبرنامج. معظم الجامعات التي حصلت على اعتمادات عالمية ووطنية بالمملكة تم اعتبار تدريب الامتياز كممارسة تعليمية مميزة.
حينما أقارن بين آلية تطبيق الامتياز بين أمريكا والسعودية أجد الحرص من الدولتين في تطبيق الامتياز لتجويد مخرجات التعلم والسلامة المهنية، وفي نفس السياق يختلفون في عدة نقاط لصالح المملكة فلا يسعنى إلا شكر الله على نعمة وفضل هذا الوطن، أشكر الله على العلاقة التضامنية والتعاونية والتكاملية بين الجامعات والكليات والمستشفيات بما يضمن التيسير على الطلبة في التدريب. أحمد الله على كل الميسرات والنعم التي وهبها الله لأبناء هذا الوطن المعطاء الذي اهتم بالمهن الإنسانية لرعاية المرضى، ولم يتوانَ لبذل كل جهد خاصة لزيادة الجاذبية لمهنة التمريض من تخصيص مكافآت الامتياز التي نتطلع كذلك لزيادتها بما يحقق التحفيز للطلبة للانضمام لكوادر الصحة الجنود البواسل. كما ونشيد بجهود المستشفيات التي لم تتوانَ لتقديم دور فاعل في التدريب وتهيئة الطلبة بالشراكة مع الجامعات، والتي نتطلع لاستمرار هذا النجاح ودعمه معنويًا وماليًا ولوجستيًا بما يخدم الاستثمار الذي جميعنا يعمل لأجله وهو الطالب الإنسان.