فجر أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب شلومو ساند، مفاجأة بشأن حلم الشعب اليهودي التي يرددها مسؤولو دولة الاحتلال، مؤكدا أن تلك الفكرة تم اختراعها في نهاية القرن الـ19.
وقال “شلومو” في تصريحات إعلامية عبر برنامج “قصارى القول” عبر فضائية RT عربية: “اعتقدت طوال عمري بوجود الشعب اليهودي، لكن يوما ما بدأت دراسة مفهوم الشعب اليهودي وبدأت أفهم أنه مثل أغلب شعوب العالم، أو وجوده طوال ألفي سنة، عبارة عن خرافة أو أسطورة، ولولا الكارثة التي سببتها النازية لم يكن ليتم إنشاء دولة إسرائيل عام 1948”.
وأضاف: “الشعوب ظهرت مع الحداثة بظهور الطباعة والديمقراطية والمدارس، الدول بنت الأمم والشعوب، لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني كان موجودا قبل 1948، ولا الشعب اليهودي موجود اليوم، لأن الشعب اليهودي تم اختراعه في نهاية القرن الـ19 وهذا يعني أنه أسطورة”.
وأوضح أسباب دراسته لتلك الفكرة قائلا: “كان هنا مشاكل كثيرة حول الهوية السياسية في إسرائيل وهذا دفعني لدراسة مفهوم الشعب اليهودي، الكل يعتقد أنه موجود قبل ألفي سنة وأنا أعتقد أن هذه أسطورة، واكتشفت بسرعة أن اليهود لم يطردوا من فلسطين القديمة، لم يطردوا يوما من هذه الأرض ولا يوجد أي كتاب بحثي حول هذا الموضوع”.
وأكد أن الشعب اليهودي هو أسطورة نشأت في النصف الثاني من القرن الـ19، مضيفا: “لا أعتقد أنه شعب موجود ولكن الصهيونيين استطاعوا أن يبنوا في فلسطين شعبا إسرائيليا أو أمة إسرائيلية جنبا إلى جنب مع الأمة الفلسطينية، أحدهم الشعب الإسرائيلي ذو منشأ يهودي والشعب الفلسطيني من أصل عربي، واليهود في أوروبا وروسيا لم يكونوا يريدون القدوم إلى فلسطين، دينيا كان محظورا عليهم الهجرة إلى فلسطين قبل مجيء المسيح”.
ولفت إلى أن “أغلب الناس غير المتدينين لم يكن لديهم سبب للذهاب إلى فلسطين، من أراد الهجرة أراد الهجرة إلى الولايات المتحدة، وكان هذا ينطبق عليهم حتى 1924، حين هاجر نحو مليوني يهودي من أوروبا الشرقية إلى الولايات المتحدة، وعدد قليل وصل إلى فلسطين”، موضحا أنه “في عام 1924، تم سن قانون عنصري للهجرة في الولايات المتحدة، وأغلقت أبواب الهجرة على اليهود والكاثوليك وتركها للبروتستانت البيض، ومنذ ذلك الوقت بدأ يزداد عدد اليهود القادمين إلى فلسطين حتى الحرب العالمية الثانية، وسبب الهجرة الجماعية بدأ بعد الحرب والكارثة التي سببتها النازية ضد اليهود، ولولا تلك الكارثة لا أعتقد أنه كان سيمكن إنشاء دولة إسرائيل عام 1948”.
واستكمل أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب: “بعد حرب 1967، كنت جنديا في القدس، وعندما انتهت الحرب توجهت إلى محمود درويش في يافا، وبعد ليلة شرب طويلة أيقظني بعد الظهر وقال لي كتبت قصيدة عنك وهي قصيدة “جندي يحلم بالزنابق البيضاء”، وفي ذلك الوقت وبعده كنت أؤيد حل الدولتين، من نهاية 1967 وقبل نحو سنة شاركت في جميع المظاهرات والمسيرات التي تؤيد هذا الحل وحاضرت وكتبت المقالات للدفاع عن فكرة أن أرض فلسطين فيها شعبان وأمتان”.
وتابع: “منذ سنة ونصف لم أعد أؤمن بحل الدولتين، الاستعمار والاستيطان في الضفة، هناك 85 ألف إسرائيلي يعيشون هناك، وحصار غزة، هنا آلاف مؤلفة من الفلسطينيين العاملين في إسرائيل.. ليس الاستيطان وحده، بل لدينا سوق اقتصادية مشتركة، نعيش متداخلين بين بعضنا، مليوني عربي إسرائيلي، وهناك مليونا فلسطيني في غزة، و3 ونصف مليون فلسطيني في الضفة، أي نحو 7 ملايين ونصف فلسطيني تحت سيطرة إسرائيل، وعدا ذلك هناك أيضا 7 ملايين ونصف إسرائيلي، أي عدد السكان متساو تقريبا، وبما أننا نعيش بصورة متداخل من الصعب أن أتصور أن هذه الأرض الصغيرة يمكن تقسيمها إلى دولتين”.
وأكد أنه رغم كل الكراهية والكوارث والمصائب في غزة، لا يعتقد أن هناك فرصة أخرى لإسرائيل، ويجب أن يحدث تعايش مع الفلسطينيين.
واستطرد قائلا: “لا يمكن أن نعيش من دونهم في الشرق الأوسط.. نحن نحتاج إليهم لحمايتنا من سائر العرب، ويجب أن ندرك ونقر أن الفلسطينيين مساوون لنا سواء ذلك في دولتين فدرالية أو كونفدرالية.. يجب أن نجتاز الكارثة، يمكن أن نفهم وندرس لماذا الجور يستبطن العلاقة بين الشعبين، ومن أجل التقدم نحو العدل لا ضرورة لدولتين، أعتقد أن الحل الأقرب هو الفدرالية أو كونفدرالية لكن الأهم ليس الشكل ولن تقبل بعضنا للبعض ومساواتنا للبعض”.
واعتبر ساند أن “أفضل حل اليوم هو أن يزداد عدد الفلسطينيين الذين يصبحون مواطنين إسرائيليين ويحصلون على جميع الحقوق القانونية والمدنية”، مؤكدا أن “الدولة اليهودية لا يمكن أن تبقى في الشرق الأوسط دون الفلسطينيين، والسبيل الوحيد أن يستطيع الشعب الإسرائيلي الذي بني من قبل المهاجرين اليهود، مع أنني لا أعتقد أنه موجود، أنا مع الدولة الإسرائيلية العربية وعلى الفلسطينيين تقبل أن فكرة الصهيونية نجحت في إنشاء شعب جديد في لغة جديدة وأسلوب حياة خاص بهم”.