سؤال مجرد
الراقصون على جراح الفلسطينيين الأبرياء كُثر.. والمزايدون على دمائهم أكثر.. والمتاجرون بقضيتهم أكثر وأكثر.. وجميعهم يشتركون في موت الضمير وانعدام الإنسانية والافتقار إلى الأخلاق والكذب ثم الكذب ثم الكذب، دون أي اعتبار لمن قُتل ظلمًا أو فقد أحد أحبته أو جميعهم أو من فقد منزله أو وطنه.. همّهم الوحيد كم يكسبون من التضحية بالأبرياء، وكيف تتضخم حساباتهم في البنوك الخارجية التي تحميها دول الغرب التي تخلت عن كل قيمها التي أزعجتنا بها لعقود من الزمن وتخلت عن كل شعاراتها البراقة، وقياداتها وشعوبها ترى وتسمع الإبادة الجماعية للفلسطينيين الأبرياء في غزة الجريحة، شيوخ ونساء وأطفال تتناثر أشلاءهم على الهواء مباشرة دون أن تتحرك شعرة واحدة في ضمير كل من أزعجونا ليل نهار بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني، ويرفضون علنًا بكل صفاقة تبني وقف إطلاق النار لحماية المدنيين الأبرياء في غزة.
ومن هؤلاء المزايدين الكذابين، الحوثي وحزبه أنصار اللات الذي أزعجنا بنوايا وقرارات الزحف البري الكاذب إلى غزة ومطالباته بفتح الحدود، وأزعجنا بألعابه النارية ومسيراته التي لم تصل إلى إسرائيل يومًا ولن تصل أبدًا، ومع ذلك يُمجدها ويتغنى بها ما يسمى محور المقاومة المدعوم من إيران وأتباعهم.
ومنهم أيضًا الكذاب الأكبر، حسن نصر اللات وحزبه الإرهابي، ومن استمع لخطابه الأخير يدرك حجم الذل والهوان والجبن في كل تفاصيله، ولا يستخلص منه سوى:
“أنا جبان ولن أحارب في غزة وسأكتفي بتقليص قوات العدو بجذبها نحو لبنان!”.
وكعادة الجبان يخطب من داخل غرفة في أحد سراديب الضاحية الجنوبية.. بينما تنقل صورًا مسجلة لحشود وهمية خارجية تهتف: لبيك نصر الله!
والسؤال: لماذا كانت قناة العربية تنقل هذه الهتافات؟! حتى لو كانت مسجلة في بث واحد أو عبر قناة أخرى.. ما كان ينبغي مهنيًا أن تبث هذه الهتافات!
كان الخطاب ركيكًا مهزوزًا مليئًا بالادعاءات والحقائق والأرقام المزيفة وغير الحقيقية، ومليئًا بالخُزعبلات والطلبات غير المنطقية التي تفضح كذبه، مثل طلبه من الحكام العرب أن يقفوا بعائلاتهم ونسائهم وأطفالهم أمام معبر رفح!
ومثل ادعائه بأنه بدأ المشاركة في الحرب اليوم التالي لانطلاقها في الثامن من أكتوبر، وجميعنا نعلم أنه كاذب وأنه أجبن من أن يفعل ذلك، وأنه ملزم بقواعد الاشتباك في نقاط محددة لا يقدر ولن يقدر على تجاوزها.
ولا يقل عنهما كذبًا قادة حماس الذين يعلن أحدهم أمام الجميع أن الأنفاق وما تحويه من أغذية وسلاح هي لمقاتلي حماس، أما شعب غزة فهم (حسب قوله) لاجئون مسؤولية الأمم المتحدة حمايتهم، وتشدقهم مع نصر اللات بأنهم يملكون القرار في أحزاب المقاومة وأن إيران لا تتدخل في قراراتهم بتاتًا، ولو كان هذا صحيحًا، ماذا كان يفعل إسماعيل هنية في طهران؟ ولماذا كان يقدم تقريرًا للخامنئي؟!
شعب غزة من المدنيين الأبرياء يدفعون الثمن الأغلى في هذه الحرب التي لم يفتعلوها، ويدفعون ثمن استرخاص أرواحهم من عدو صهيوني بلا قيم ولا أخلاق ومحتل غاصب، وبين من يدعون الدفاع عنهم ويرقصون على جراحاتهم لتحقيق مجد زائف، وبين عالم غربي وجد الفرصة مواتية للتخلص منهم وتحقيق أطماع الصهاينة، وبين مأفونين وسذج في وسائل التواصل الاجتماعي يستغلون دماءهم لتلويث سمعة الشرفاء الذين لم يتخلوا عن قضية فلسطين وأهلها.