المقالات

أهمية التحكيم في حل المنازعات؟!

يُعَد التحكيم وسيلةً فَعَالة وسريعة لحلِ المنازعاتِ التي تُثَار بين الخصوم لاقتران الأحكام الصادرة منها عادةً بالعدالة، والسرعة، والرجوع إلى آراء الناس في المعضلات.
والتحكيم عَرّفَهُ القدماء في جميعِ الحُقبِ الضارية المتعاقبة؛ لدرجة أن الفيلسوف اليوناني ومؤسس علم المنطق “أرسطو” قالَ عنهُ: “إن الأطرافَ المتنازعةَ يستطيعونَ تفضيل التحكيم على القضاءِ ذلك لأن المحكم يرى العدالةَ بينما لا يَعتَدّ القاضي إلا بالتشريع”.
ولقد ازدهر التحكيم عند العرب قبل الإسلام، فقد كان لكل قبيلة محكموها، وبرز العديد من المحكمين كعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري في قضية الخليفة علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه ورضي الله عنه- ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، ومن أبرز وأشهر قضايا التحكيم قبل الإسلام تلك القضية التي تم فيها وضع “الحجر الأسود” في مكانه بعد أن فرغت قريش من بناء الكعبة المشرفة؛ والتي حكم فيها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عندما اختلفت قبائل قريش في حينه فيمن يضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول من يدخل من هذا الباب، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من باب “بني شيبة”، فلما رأوه “بأبي هو وأمي” قالوا جميعًا: “هذا الرجل الأمين رضينا حكمه”.
ويختلف التحكيم عن الصلح؛ فالصلح يتم في العادة بين الخصوم أو من ينوب عنهم، أما التحكيم فإن المحَكِّم يقوم فيه بمهمة القاضي فيصدر قراره بغض النظر من قبوله أو رفضه من أحد الطرفين أم جميعهم.

إنَّ (التحكيمَ) رَدِيْفٌ مُساعِدٌ للقضاءِ، وهُوَ باختصارٍ: إيجادُ أفرادٍ أو هيئاتٍ يتراضى المتنازعونَ على الاحتكامِ إليها، والتحكيمُ ذُو أَهَميَّةٍ كبيرةٍ على الـمُسْتَوَيَيْنِ: الدَّوْليِّ والمحليِّ، حيثُ يحقِّقُ مَزَايَا عَدِيْدَةً لأَطْرَافِهِ، مِنْها: سُرْعَةُ الفَصْلِ في النِّزَاعِ نَظَرًا لتَخَصُّصِ هَيْئَةِ التَّحْكِيْمِ الدَّقيقِ في نَوْعيَّةِ المنازَعَاتِ التي تُعْرَضُ عَلْيْها، والتَّخْفِيْفُ على القَضَاءِ العاديِّ مما يُؤَدِّي إلى سُرْعَةِ الفَصْلِ في المنازعاتِ، وتَرَاضِي المتنازِعَيْنَ لأنَّ كلًا منهما شَارَكَ في اختيارِ المحكِّمِ، والمحافظةُ على السِّريَّةِ التَّامَّةِ حمايةً لسُمْعَةِ المتنازِعَيْنِ، إِضَافةً إلى عَدَمِ تأثُّرِ التَّحْكِيمِ بالظُّرُوفِ السياسيَّةِ للدَّوْلَةِ كما يَحْدُثُ للقَضَاءِ في بَعْضِ الدُّوَلِ.
ويَسْتَوْجِبُ نجاحُ التحكيمِ: بِناءً نظريًّا، وعَطَاءً عَمَلِيًّا، فالأوَّلُ يَرْسُمُ المعاييرَ، ويَضَعُ الأنظمةَ، ويَصِفُ الإجراءاتِ، والثاني: يُقيمُ المراكزَ التَّحْكِيْمِيَّةَ، ويُعْطِي لأَحْكامِها صفةَ النَّفاذِ، ويَضْمَنُ قَبُولَ الـمُتَرَافِعِينَ إليْها والتزامَهُمْ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى