المقالات

السعودية تقود التضامن العربي الإسلامي مع فلسطين

لأنها المملكة العربية السعودية حامية حمى الحرمين الشريفين، دولة الشريعة والعدالة والوسطية، ولما يمثله قادتها من القيادة الروحية للمسلمين وهم خدام الحرمين ومناصري القضايا الإسلامية ودعاة السلام والمبادئ الإنسانية، ولما لها من المكانة ولما تحظى به من التقدير على المستوى الإقليمي والعالمي.

قادت المملكة اليوم في الرياض القمة العربية الإسلامية الاستثنائية للتضامن مع فلسطين وأهل غزة المنكوبة، في مواجهة الطغيان الإسرائيلي وازدواجية المعايير العالمية وضبابية مواقف بعض الدول الكبرى وغلبة الباطل على الحق؛ وذلك نصرة للمظلوم ورحمة بالمستضعفين وإجابة للمستغيثين وقيامًا بالواجب العربي والإسلامي والإنساني.

وقد استهدفت بهذه القمة العمل على توحيد الموقف الإسلامي المشترك في العمل على إيقاف الحرب التدميرية الغاشمة وحصار غزة وقطع المياه والكهرباء وقوام الحياة عن أهلها من المدنيين من الأطفال والنساء والعُزل، ووقف عمليات التهجير القسري والإقصاء العنصري، ومنع وصول الإمدادات الإنسانية العالمية إليها.
وكذلك العمل على إعادة الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة ودولها وتجنيبها الانزلاق إلى أتون الحرب ومنع إسرائيل من احتلال غزة وإدارتها، حفظًا للسلم الدولي في ضوء العدالة الإنسانية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة الموحدة وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حل الدولتين، ورسم خارطة لتوحيد الصف الفلسطيني ودعم الشعب المنكوب إنسانيًا، وتوحيد المسار الإسلامي نحو فتح آفاق العمل السياسي مع العالم لحل قضية فلسطين وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية والمبادرة العربية.

ولا شك أن العالم عامة والمجتمع الإسلامي يترقب قرارات قادتهم في القمة بما يتواءم مع خطورة المرحلة وبما يحقق إيقاف الحرب وعدم السماح بتوسعها واصطلاء العالم بنارها وآثارها في حزم وحكمة وسياسة، متفائلين بالقيادة السعودية لها؛ وذلك لما للسعودية وقادتها من دعم معروف لقضية فلسطين العادلة وسعيًا لحلها وقيام دولتها منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز؛ وصولًا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وبما لها من مكانة دولية سياسية واقتصادية وروحية، وقدرة على التأثير في القرار الدولي يعظم ويزداد أثره بالتفاف العرب والمسلمين حولها، وقد شعروا بضرورة الوحدة والتآلف والتعاون والتناصر، ونبذ عوامل الفرقة والاختلاف أو الارتهان للمصالح الخاصة.

إن الموقف العربي والإسلامي الموحد سيجعل العالم؛ وبخاصة الدول المؤيدة والداعمة لإسرائيل في حربها الظالمة أمام مسؤولياته، وحقيقة صورته التي يرسمها باسم الإنسانية والعدالة والديمقراطية والقانونية.

وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رفض بلاده القاطع للحرب الشعواء التي يتعرض لها الأشقاء في غزة، منددًا بكارثة إنسانية تشهد على فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية لتبرهن على ازدواجية المعايير، مشددًا على أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

‏وجاءت كلمات ملوك ورؤساء الدول والوفود معبرة عن بشاعة سلوك المحتل الإسرائيلي والفظائع الإجرامية التي يرتكبها وكأنه فوق القانون، مطالبين بمقاضاته ومحاسبته، محذرين من العواقب الوخيمة على المنطقة والعالم إن استمرت الحرب دون رادع، ومعبرين عن روح التضامن والعمل المشترك في السعي لإيقاف الحرب ودعم الفلسطينيين بالإمدادات الإنسانية وحل القضية من جذورها.
منبهين إلى تخاذل العالم في حل القضية على مدى (٧٥) عامًا قد خلق هذه النكبة وسابقاتها، وإن تخاذله الآن وازدواجية مواقفة وانحياز بعض القوى العالمية إلى إسرائيل أو تبرير عدوانها هو السبب في عدم انصياع إسرائيل لدعاة السلام والحق، وعدم قدرة مجلس الأمن وهيئة الأمم على اتخاذ قرار إيقاف العدوان، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى ما هو أعظم إن لم يقم مجلس الأمن وهيئة الأمم بكبح جماح العدوان الإسرائيلي اللا إنساني.
وقد جاءت قرارات المؤتمر محققة لأهدافه الحكيمة، وعلى رأسها: إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية، الوحشية واللا إنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري خلاله، وضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف.
ورفض توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعًا عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.
ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان كسر حصار غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعم كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكافٍ، والطلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل.
وغيرها من القرارات الفاعلة تمثل رؤية (٥٧) دولة عربية واسلامية تختبر بها مصداقية العالم في قمة استثائية رأسها محمد بن سلمان.

– أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبد العزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة

أ.د. عبدالله حسين الشريف

أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبد العزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة - ‏بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى