بدأ الإنسان رحلته “الغذائية” في قديم الأزمنة بين المتوفر والمستطعم ثم أخذت هذه الرحلة تتحوَّل من حاجة غريزية يقودها الجوع لعادة تحكمها الطباع والعادات حين رزق الإنسان الوفرة في الغذاء؛ يقول الفلسفي الشهير سقراط: “نحن نأكل لنعيش ولا نعيش لنأكل!”.
فالإنسان يستمد الطاقة التي يحتاجها من غذائه؛ إضافةً للعديد من العوامل الغذائية اللازمة لسلامة دماغه وقلبه والرئتين والكبد، وغيرها من الأعضاء الحيوية في الجسم؛ كالفيتامينات والأملاح والبروتينات والأحماض المختلفة، وتجد الطبيعة الربانية مراعيةً لتلك الحاجات الغذائية حيث إن الإنسان قد يأكل بفمه فقط؛ لكن رغبة الأكل تشمل أنفه فيما يستشم من زاكي روائح المأكولات وعينه يرى بها حسن المأكل ويده يقطف أو يأكل بها أيضًا، فخلق الله الطعام مختلفة الألوان والأشكال والروائح والمذاقات.
فتجد من المأكولات ما يكون لونها بنفسجيًا – كالتوت والبطاطا الحلوة – التي تحمل بداخلها مضاد الأكسدة (الأنثوسيانين) الذي يُعرف بتعزيز صحة الدماغ والذاكرة وحمايتهم من الأمراض العصبية بأنواعها. أيضًا المأكولات البيضاء – كالثوم والبصل – التي يوجد بها الـ(فلافانول) والـ(ألسين) المضادين للأكسدة ذي الفوائد الكبيرة للجهاز المناعي وجهاز الدورة الدموية؛ إضافةً للمأكولات ذات اللون الأحمر – كالبطيخ والطماطم والتوت الأحمر- فتكون عادةً غنية بالـ(لايكوبين) الذي يُعرف بمساعدته في التحكم بضغط الدم، ويسهم في تحسين الدورة الدموية. أضف إليها المأكولات ذات اللون الأصفر والبرتقالي – كالليمون والبرتقال والقرع أو اليقطين- فهي مليئة بمضاد الأكسدة المسمى بالـ(كيروتينين) الذي يعرف بكونه مضادًا طبيعيًا للالتهاب وذا تأثير إيجابي على صحة الجلد والعينين، وأخيرًا المأكولات خضراء اللون كالخضار الورقية بأنواعها التي تحتوي على الـ(كلوروفيل) والـ(إيزوثاينين) المضادين للأكسدة اللذين يعرفان بمكافحة مرض السرطان.
يذكر أن مضادات الأكسدة تُكافح الـ(جذور الحرة) التي تنشأ عند حدوث الأكسدة كعملية كيميائية في الأجساد الحية عند إنتاج الطاقة بالجسم، وهي التي تتسبب بجملة من التغيرات الجسدية؛ كآثار التقدم في العمر وجملة من الأمراض والسرطانات.
عرّف أبو الطب القديم اليوناني “أبقراط” العلاقة بين الغذاء والصحة قائلًا مقولته الشهيرة: “دع الغذاء لك الدواء”.