المقالات

تجربةُ عُمْرٍ في القراءة

المهتمون بالظواهر الثقافية في المملكة العربية السعودية يعرفون حسين محمد بافقيه، وما يتميز به من انغماس وجلَدٍ في الهم المعرفي؛ لذلك بادرتُ بشراء كتابه الأخير الذي صُدر عن دار مدارك للنشر بعنوان: (حياة واحدة لا تكفي).
الكتاب كثيف المضمون متنوع المحتوى، ورغم أن عنوانه قد يُوهم بأنه سيرة ذاتية إلا إن قراءته تكشف للقارئ أنه تجربة عميقة وحميمة مع الكُتُب والكُتَّاب.
يتناول قضايا ومسائل وظواهر كثيرة، إنه يكتب بإيجاز وعُمْقٍ عما مرَّ به في مجال القراءة والمعرفة منذ مرحلة الطفولة، ويبين رأيه في عديد من الظواهر الثقافية.
واضح أن اهتماماته تتركز على الأدب والنقد واللغة والسِّيَر الذاتية، ومن النادر أن يتناول قضايا الفكر.
ينبه إلى عدم جدوى القراءة العجولة، ويؤكد أنه يكرر قراءة الكتاب الذي يُعجبه مرارًا وتكرارًا.
كما ينبه إلى أن الرواج حظوظٌ للكُتُب والكُتَّاب؛ فبعض الكتب تروج كثيرًا بين الناس بينما يوجد كُتُبٌ تفوقها في الأهمية لا تجد مثل هذا الرواج فيكتب عن (أمين مدني: المؤرخ المظلوم)).
إنه في تقييمه للكتب وحُكْمه على الكُتَّاب يؤسس على التعمق يقول: ((كابدت المشاق في البحث والتنقيب لا أرجع إلى الويكيبيديا في التوثيق مهما كانت متاحة وأُفَضِّل المعاناة على الصيد السهل الرخيص)).
وله آراء قد يختلف بها عما هو شائع فمثلًا هو يرى أن مجتمع المعرفة العربي قد ألحق غبنًا بأدب المهجر؛ فهو شديد الإعجاب بأمين الريحاني وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، وهو يتحسر على الوقت الذي أنفقه في التركيز على قراءة ما كتبه طه حسين والعقاد والمازني، ويقول بأنه قد تدارك هذا الغبن؛ فصار يركز على إبداعات الريحاني وجبران ونعيمة.
ويذكر أنه قد ألزم نفسه في القراءة بصرامة:
– أُقدم القراءة على أي شيء.
– أؤمن بأن القراءة تعب ومكابدة.
– القدوة فأنا أقتدي بنماذج رفيعة: عمر فروخ وإحسان عباس وحمد الجاسر وشوقي ضيف.
– آخذ بما أدعوه قراءة الحقول؛ مجموعة كتب في حقل واحد …. إلخ.
– استثمار الوقت بعناية وعدم الارتباط بالجلسات أو الاشتراك في لجان …. إلخ.
إبراهيم البليهي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى