الإنترنت وسيلة تكنولوجية مهمة ونعمة من نعم الله المتعددة للإنسان إذا أحسن استخدامها، ونقمة إذا أساء الإنسان استخدامها، فمثله مثل أي تقدم تكنولوجي له فوائد وأضرار.
فالإنترنت ثورة في عالم المعرفة، وأكبر مكتبة عرفها التاريخ ووسيلة ضرورية للحصول على المعلومات، كما أنه وسيلة للتسلية وللتجارة وللمراسلة وللصداقة وهو أيضًا وسيلة للعبث وللأذى، وأصبح يغزو جميع مظاهر الحياة الاجتماعية كوسيلة اتصال وتبادل الأفكار.
وقد صدق من أطلق على شبكة الإنترنت بالشبكة العنكبوتية، فهو وصف دقيق لتأثير الإنترنت على مستخدميه؛ حيث إن البعض قد يقع في خيوط وشباك لا نهاية لها، وبذلك يُسيء استخدامه ويفرط فيه ويعتمد عليه اعتمادًا شبه تام، ويشعر بالاشتياق الدائم له إذا حدث ما يمنع اتصاله بهذه الشبكة؛ حيث يصبح شغله الشاغل كيف يعود مرة أخرى للدخول على هذه الشبكة العنكبوتية، وبهذا يفقد استقلاليته ويصبح عبدًا بل أسيرًا للإنترنت، الذي أصبح يتحكم في كل أنشطته الحياتية، ويؤثر على حياته النفسية، والاجتماعية، والمهنية، وعلى صحته الجسمية، وهذا ما نطلق عليه إدمان الإنترنت..
مستخدمو الإنترنت من جميع الفئات العمرية وجميع الطبقات الاجتماعية والثقافية. إلا إن فئة الأطفال والمراهقين أكثر الفئات استخدامًا للإنترنت، وقد أصبح مشهدًا طبيعيًا أن ترى طفلًا صغيرًا ممسكًا بالجوال أو الآيباد ويتعامل معه باحترافية.
وإن أي سلوك يقوم به الطفل يبقى سلوكًا طبيعيًا في إطار حدود المعايير الثقافية والاجتماعية المتعارف عليها، وفي نموه الجسمي والعقلي، ولكن حين يزداد هذا السلوك عن حده الطبيعي، ويتحرف في نوعيته بحيث يؤثر سلبًاعلى شخصية الطفل وأدائه الوظيفي والسلوكي التكيفي يعتبر سلوكًا شاذًا ومرضيًا.
ومع تزايد إقبال الأطفال على شبكة الإنترنت وسوء استخدامها متمثلًا في في مدى تعلقه به وإدمانه عليه وابتعاده عن الأنشطة الأخرى، وقضاء ساعات طويلة.
مما يؤدي ذلك على:
• حدوث بعض الأعراض الانسحابية؛ كالشعور بالتوتر والإحباط والانسحاب الاجتماعي في حالة التوقف أو خفض معدل الاستخدام.
وتتمثل بعض المشاعر السلبية للطفل، كالحزن والإحساس بالإحباط وضعف الشهية، وينسحب الطفل من المجتمع، ويميل للتفاعل مع العلاقات الافتراضية، مع شعوره بالوحدة مع المحيطين به من أصدقاء وأفراد الأسرة، ولا يشارك أفراد أسرته اهتماماتهم.
• وقد أشارت العديد من الدراسات عن تأثير استخدام الإنترنت الزائد عن الحد على الأطفال إلى أنه يؤدي اضطرابات في النوم، حدوث نوبات غضب وعنف عند محاولة الوالدين وضع ضوابط لاستخدام الشبكة، الشعور بالاكتئاب والقلق، نقص حاد في الذاكرة، ظهور صعوبات في التعلم، ضعف في قدرات القراءة، تدهور مستواه الدراسي.
• الإفراط في استخدامه يضعف العضلات الدقيقة واللازمة لاستخدام الورقة والقلم.
• إشعاعات الـ Microwave المنبعثة من الهواتف الخلوية تضعف الحاجز الدماغي الوقائي، وأدمغة الأطفال تمتص ضعف ما تمتصه أدمغة الكبار من هذه الإشعاعات.
• إضعاف انتباه الطفل والتقليل من طول فترات تركيزه.
• التشجيع على الخمول وقلة الحركة، مما يؤثر على استكشاف الطفل للعالم، كما يؤدي إلى السمنة وزيادة الوزن، وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية.
• أبحاث قليلة تُشير إلى أن التطبيقات التعليمية يمكنها أن تُساعد على تنمية الحصيلة اللغوية للأطفال دون العامين، بينما تشير أبحاث أخرى إلى أن الأطفال دون السنتين لا يتعلمون كثيرًا من وسائل الإعلام الإلكترونية، وأن استخدامها يؤخر نمو المهارات اللغوية ومهارات التفكير ويؤدي إلى تأخر الكلام.
كيف تعالجين إدمان الإنترنت عند الطفل؟
سواء كان طفلك مدمنًا على وسائل الإعلام الرقمية أو لم يكن، فستُفيدك هذه النصائح في جعل علاقته بهذه الأجهزة سوية وفي ترشيد استخدام مثل هذه الأجهزة:
• الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصي بألا يقضي الأطفال دون العامين وقتًا أمام الشاشات. وعلى حسب بعض الخبراء فإنه لو تحتم استخدامهم لتلك الأجهزة فيجب ألا يزيد الوقت عن 15-20 دقيقة، عندما لا يكون تركيزهم في أوجه. أما بالنسبة إلى الأطفال فوق السنتين، فيجب ألا يزيد استخدام هذه الأجهزة على ساعة إلى ساعتين في اليوم، ويمكن استخدامها كشيء استثنائي أو في السيارة مثلًا.
• تحدثي مع طفلك عما يجذبه في الإنترنت إلى هذه الدرجة وعن الأشياء التي يُساعده على تجنبها في الحياة الحقيقية.
• اتفقي معه على وقت محدد يستخدمه فيه، وعرفيه قبل انتهاء وقت لعبه جديدة ليستعد.
• يجب الاتفاق بوضوح على المواد التي يمكنهم مشاهدتها، والتي لا يمكن مشاهدتها كتلك التي تشجع على العنف أو تحتوي على تلميحات جنسية.
• اعملي على توفير أنشطة حياتية بديلة يندمج فيها الطفل، ويختلط فيها بأطفال آخرين، ليتعلم أن اللعب بهذه الأجهزة هو واحد من أنشطة عديدة يمكن أن نسلي بها أوقاتنا.
• كوني أنتِ ووالده قدوة في استخدام الآيباد والهواتف الذكية والتليفزيون، فليس من المعقول أن يرى الطفل والديه يستخدمان هذه الأجهزة في كل الأوقات وبدون ضابط ولا رابط ثم يطالب هو بالاعتدال في استخدامها.
• يجب التوقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بفترة وعدم السماح باستخدامها في غرف النوم حتى لا تؤثر على نومه. كما يجب عدم تشغيلها واستخدامها أثناء الوجبات.
• احرصي على مشاركة الطفل في استخدام هذه الأجهزة، بمشاركته ألعابه وما يشاهده وعمل صداقات معه على مواقع التواصل الاجتماعي.
• احرصي على مشاركة طفلك في اختيار التطبيقات الملائمة التي تناسب سنه، تسعده وتجعله يضحك تقدم له أهدافًا قابلة للتحقيق، وتشجع على مشاركة الآباء لأن هذا سيفيد الطفل ويسعده أكثر بكثير مما لو تُرِك وحده.
• ليكن استخدام هذه الأجهزة في مكان عام بالمنزل لمراقبة مقدار الوقت الذي يستخدمها فيه ومحتوى المشاهدة والألعاب.
• يمكنك استخدام كلمة سر للجهاز والحرص على ألا يستطيع الطفل تخمينها بسهولة.
• أحيانًا يلجأ الآباء إلى الآيباد أو الهاتف الذكي لتهدئة الطفل حتى يتمكنوا من إنجاز شيء أو تناول وجبة في مطعم، ليس هناك مشكلة في ذلك بشرط أن يكون باعتدال، ولكن يجب أن يتعلم الطفل كيف يتصرف بشكل مهذب وسليم.
– وأخيرًا لا تترددي في طلب المساعدة من متخصص.. إن شعرتِ بالحاجة إلى ذلك.
الكاتبة/ كوثر بلكم