المقالات

رجال عرفتهم … أحمد قطان!!

جميع زملائي في المرحلة الثانوية قبل أربعة عقود، جمعتني بهم أجمل الذكريات وأسعد الأوقات؛ كُنا سعداء رغم بساطة الحياة، لا هاتف نقال، ولا إنترنت، أو فضائيات بعدد نجوم السماء، ناهيك عن الأجهزة الذكية بكل تقنياتها المتعددة.
كنا نقطع المسافة إلى المدرسة مشيًا على الأقدام، كم هي جميلة تلك الأيام، صعبة أن تعود؛ وهنا أستشهد بكلمات الشاعر المصري “مرسي جميل عزيز” في رائعته الشهيرة “فات الميعاد”، التي شدت بها السيدة أم كلثوم: “وعايزنا نرجع زي زمان …قول للزمان ارجع يا زمان”.
دعاني للكتابة حديثي عبر الهاتف هذا الأسبوع مع أحد هؤلاء الزملاء، وهو الأخ العزيز معالي الوزير أحمد بن عبد العزيز قطان “أبا بندر”؛ بعض مضي ما يقارب عقدين ونصف من الزمان منذ آخر لقاء جمعني مع هذه الشخصية الوطنية المميزة.
شرفت بمزاملته في مدرسة مكة الثانوية، كان نعم الزميل والأخ الكريم، من أسرة عريقة تمتد جذورها لمئات السنين في أطهر بقاع الأرض وأشرفها مكة المكرمة، في البداية كنت وبقية الزملاء نظن أنه مصري الجنسية، للهجته المصرية المتقنة والتي كان ينطق بها أمامنا لمكوثه ودراسته قبل الثانوية على ما أعتقد في مصر الحبيبة.
بعد التخرج تفرقت بنا السبل؛ ذهب كلٌّ في طريقه الذي اختاره الله سبحانه له، لا يزال في الذاكرة قبل أكثر من عقدين ونيف من الزمان وأنا في مقر سفارة خادم الحرمين الشريفين بواشنطن، وبالتحديد في مكتب الملحق الصحي بالسفارة الدكتور (قريملي)، لإنهاء معاملة إحدى قريباتي وتحويلها إلى مستشفى كليفلند، للعلاج.
في الأثناء ظهر فجأة معاليه رحَّب بي وصحبني إلى مكتبه، وطلب من المكتب الصحي أن يقوموا بإنهاء المعاملة وإرسالها إلى مكتبه. كان كعادته كريم شمايل وعلى درجة عالية من الوفاء والرجولة.
وعند مغادرتي، أذكر أني طلبت منه أن أقوم بأي خدمة ردًا لجميله؛ قال نعم ؟ قلت تفضل حبيبي أحمد، قال: “هل لديك صور قديمة تجمعنا ونحن في مكة الثانوية؟”.
لا أذكر أنني أحتفظ بصور في فترة دراستنا الثانوية خاصة في تلك المرحلة الزمنية، لأن هذا النوع من الكاميرات نادر ناهيك عن ثمنه.
استعدت لياقتي، فكرت وإذا بالصور موجودة لدى الزميل العزيز الدكتور عبد الله بن حمود الحربي عضو الشورى وزميلنا في الثانوية. كم كان معاليه فرحًا عندما أخبرته بحصولي على الصور، طلب مني إرسالها إلى داره العامر بجدة لوجوده وقتها في سفارة خادم الحرمين الشريفين بواشنطن.
لم تغيره المناصب، ولا الظروف، ولا الألقاب، كريم وطني ورجل دولة من الطراز الأوَّل، كان معاليه يتمتع بروح مرحة لا تزال في الذاكرة نكاته الجميلة التي كان يلقيها علينا ونحن في المدرسة. أذكر أنني كنت أستمع إلى الراديو لمعرفة أسماء الناجحين من مدرسة مكة الثانوية؛ بدأ المذيع باسم أحمد فتحي حواس (أولًا)، ثم أحمد بن عبد العزيز قطان (ثانيًا)، وجاء في المرتبة الثالثة من الترتيب بكري عساس. دمت أخي الكريم أحمد (بدون ألقاب) بحفظ الله ورعايته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى