قصة قصيرة
كانت ثلاثة أيامٍ قاتمة في حيهنّ.. انطفأت شموع دارهنّ حينما رحلت أمهن..
أغلقن الباب بعد انسحاب آخر المعزين، بوجناتٍ ندية لم تجف دموعها منذ حلت الفاجعة..
هرعن إلى غرفة الراحلة..
تناولت الصغرى حقيبة يد أمها العتيقة.. وضمتها بحثًا عن رائحة الحبيبة وبقايا مصروفها الذي تقاسمته مع أختها الوسطى.
بقيت تنظر إلى أختيها بصمت،
في الصباح عادت أدراجها بقلبٍ مفقود إلى ديارها البعيدة.
وصلت إلى بيتها. انفجرت باكية وتمددت حافية القدمين.
هرعت العائلة إليها، كانت جاثية على أرضية الغرفة الباردة.. تبكي بشدة وقد شدت قبضتيها حول حذاء أمها وهي تنظر للفراغ.
قصةٌ قصيرةٌ في المبنى كبيرة في المعنى
”قرأتُ فيها” : الألمُ الذي لا يضاهيه ألم ..!
”قرأتُ فيها” : إن لكلِّ رحلة في الحياة موعد مغادرة نعلمهُ وعودة ننتظرُها إلاّ رحلة المغادرة إلى “الخالق” تحين بدون موعد نعلمه في طريق واحد ذهاب بلا عودة
” قرأتُ فيها” : إن كلَّ شيء يمكن اخفاؤه إلا دموع العين عندما تتساقط ألم عندما تحنُ .. عندما تتألمُ .. عندما تشتاقُ على من فقدت ..!!
تقبل مروري
في كلِّ قصة أومقالة تصافح قرَّاءك بها تتجلَّى روحك الإنسانية على الوجه الأكمل ؛
ويتسم الفن السردي لديك بطابع خاص؛وكيان مستقلّ ؛ حيث صفاء اللغة وسلاستها؛ وقوة الشعوروحراراته؛ والتوظيف المدهش لتقنيات العمل الفنِّي؛وعناصر أخرى يطول الحديث عنها.
وفي تعاملاتك الراقية يلمس الجميع مصداقية الأخ الجميل و الكاتب النبيل المهتم بقضايا الإنسانية؛ فوق ما تتمتع به من رؤية واعية وبصيرة نفاذة وجمال إنساني وذلك فضل الله عليك🌷
ولقد صوَّرت مأساة الفقد هنا تصويراً بارعاً مؤثراً جداً جداً؛ وجسدت لنا شخصيات العمل؛ والفاجعة التي حلَّت بهنَّ؛بمقدرة عالية؛وتكثيف شديد غاية في الأناقة🌷
أيها الكاتب الملهَم والإعلامي الفذّ دمت بخير وعافية🌺