المقالات

انطلاقة من خَبْت نَعْمَان

عندما نتأمَّل مساحة المملكة العربية السعودية نجدها أشبه بالقارة. بل تُعادل مساحة عدة دول في غرب أوروبا، لكن التصحَّر والمرتفعات الجبلية هي السمة الأغلب في المساحة، هذا الحال والمعطيات أوجدت قدرًا لا يُستهان به من التحديات في سبيل التنمية ونشر الخدمات لمناطق مأهولة تتميز بجذب عمراني وزراعي وتعديني وصناعي وسياحي، وتُعد المواصلات شريانًا حيويًا لمزيد من تطوير التنمية واستدامتها.. هذا ما حصل ولله الحمد في العقود الماضية والحالية من خلال الخطط الخمسية، ومنها منجزات فورية لما تتطلبه كل مرحلة.

يرى كاتب هذه السطور مسألتين في هذا الشأن، ربما أُشبعت بحثًا في السابق، وربما هي في طريقها للتنفيذ – لا علم لي – وهي تتسق مع تطلعات التنمية التي تشهدها بلادنا الغالية.

الأولى: لفت نظري أن شركة الكهرباء عندما تُنشئ خطوط أبراج الضغط العالي تستخدم أقصر الطرق مهما كانت العوائق في طريقها، سواء كانت جبلية أو أودية سحيقة. وكمثال: الخط الواصل من وادي (خَبْت نَعْمَان) جنوب مكة المكرمة.. مرورًا بالحساسنة شرق الهدا.. وصولًا إلى الطائف، تلك المنطقة بالتأكيد هي الأقصر والأسهل والأقل انحدارًا، ووجهة نظري موجهة إلى مقام #وزارة_النقل_والمواصلات؛ بالاستفادة من هذه الفكرة ودراستها من نواحٍ اقتصادية وتمويلية من أجل تنفيذ طريق جديد إلى الطائف من هذا المسار الذي يبدو منطقيًا إلى حد كبير؛ إضافة إلى أن تكلفة الصيانة ستكون أقل مقارنة بعقبة كرا التي تحدث بها غالبًا انهيارات صخرية وحوادث مؤلمة في أثناء هطول الأمطار وتوقف مسار الطريق، وما يتبعه من تعطل المصالح. يُضاف إلى تلك الإشكالية ازدحام الطريق نهاية الأسبوع؛ نظرًا لكثرة مرتاديه من أهل مكة المكرمة؛ ممن يفضلون قضاء نهاية الأسبوع على روابي الهدا والطائف عمومًا.

بإمكان وزارة النقل التعاون مع #صندوق_الاستثمارات_العامة.. أو إسناد المشروع من مسار (خَبْت نَعْمَان – الحساسنة – حمى النمور – الطائف) باستثمار تجاري تُنفذه شركة مساهمة متخصصة مقابل رسوم رمزية لمرتادي الطريق، مع إمكانية فتح المجال لاستثمارات تجارية وسكنية وفندقية ومقاهى ومطاعم على طول الطريق تخدم مرتاديه وتُنشط الحركة السياحية. بلا شك سيكون هذا الطريق رديفًا لطريق الهدا الحالي، ويُسهم في حل معضلة الازدحام والطوارئ.

الموضوع الثاني: لاحظت عندما أُسافر برًّا من جدة إلى الرياض وصولًا إلى الدمام؛ مشاهدة آلاف الشاحنات على الطريق، هذا بحد ذاته يُعد مؤشرًا على نهضة اقتصادية عملاقة تمر بها بلادنا ولله الحمد، وأتخيل أن هذا المسار سيكون بواسطة قطارات الشحن بديلًا عن (التريلات).

الفكرة ليست جديدة فقد تحدثت عنها وسائل الإعلام. إلا أنني أود إضافة بعض الجوانب الإيجابية لو أن الجهات المعنية وُفِّقت بتسريع تنفيذ هذا المشروع الحيوي. ملخصها ما يلي:

– تسهيل وتسريع حركة نقل البضائع بين موانئ المملكة الرئيسة؛ مرورًا بالعاصمة الرياض.
– تقليل تكلفة النقل وبالتالي المردود الإيجابي على أسعار البضائع لصالح المستهلك.
– المحافظة على الطرق وبالذات الإسفلت من ثقل مرور الشاحنات؛ حيث ستكون الصيانة أقل تكلفة.
– انخفاض نسبة حوادث انقلاب الشاحنات، وما يتبعها من هدر اقتصادي على المستثمرين، ولا تخلو أحيانًا من خسائر بشرية مؤلمة.
– الحد من التلوث البيئي الناتج من عوادم الشاحنات.
– الاستغناء عن قرابة مليون سائق شاحنة من الأجانب – وفق تقديري الشخصي – وبالإمكان حساب هذا العدد بطريقة رياضية يطول شرحها في هذا المقام.. الاستغناء بحد ذاته مكسب كبير من ناحية اقتصادية واجتماعية وأمنية.
– توفير مزيد من فرص العمل للشباب السعودي في مهن فنية؛ لتشغيل وصيانة القطارات؛ خاصة من خريجي كليات الهندسة والكليات التقنية.
– بالإمكان تطوير فكرة النشاط الصناعي بإنشاء مصانع لعربات القطارات وقطع الغيار. على اعتبار أن المسافات الطويلة تستوجب احتياج مزيد من قضبان السكك الحديدية وعربات الشحن.
– إنشاء مدن جديدة وخدمات مساندة على طول الطريق المستحدث.

قد يكون هناك إيجابيات أكثر لا ترد في مخيلتي الآن. لكنني أُضيف؛ أن مثل هذه المشاريع لن تصدم بمسألة التعويضات المالية الباهظة، لأن أراضي المملكة ولله الحمد كلها حكومية عدا من يمتلك صكًا شرعيًا. حصل هذا التنظيم بعد الإصلاحات القضائية الأخيرة في عهد الملك سلمان -حفظه الله- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان مُجدد نهضة بلادنا.. أدام الله عزهم أجمعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى