إبان الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، انتـشر وباء الـ(ديفتيريا) في أنحاء أوروبا وأمريكا متسببًا في نفوق مصاب بين كل عشرة مصابين بالغين ومصاب بين كل خمسة مصابين أطفال! ما حدى به أن يُسمى في ذلك الوقت بـ(آفة الأطفال) و(ملاك موت الأطفال) من شدة ما أحدث في الأطفال من وفيات.
حينها وفي العام (1849م) أعلن الطبيب وعالم البكتيريا الفرنسي (إيميل روْ 1853-1933م) عن فاعلية تجربة قام بها مع زملائه بمستشفى باريسي كانوا يحقنون فيه المصابين بمصل مستخلص من دماء الخيول – قد شُفيت من المرض – محققةً شفاء نصف “البشر” المصابين بالمرض، معلنًا الفرج لتلك الآفة.
إلا أنه حين تم نسخ التجربة على أطفال مصابين بالمرض في العام (1901م) في مدينة (سانت لويس) الأمريكية، توفي 13 طفلًا خلال أسبوع من تلقي المصل – الذي تم استخراجه من حصان جر عربة الإسعاف المُسمى بـ(جيم) – مما أدى لعزوف رهيب من قبل الأهالي عن تبني العلاج المثبت الفعالية، ليُكتشف لاحقًا أن ذات الحصان كان قد عانى وقت استخراج المصل من الـ(تيتانوس)؛ وهي عدوى بكتيرية سميّة هي الأخرى، مسببًا لانحدار شديد في مستوى الثقة الطبية آنذاك وانتشار أكثر للمرض!
يحكي المؤرخون والعلماء الطبيون أن تلك الواقعة لا ينظر لها اليوم كونها “كارثة” متكاملة بالضرورة؛ فبالرغم مما حصل من فقد لحياة هؤلاء الأطفال إلا أن هذه الحادثة كانت أول خطوة في تقنين الفحص والترخيص بالمعنى المتعارف عليه حديثًا وأذن بتوحيد الجهود والإجراءات في الولايات المتحدة حينها – فيما يخص صناعة الأمصال واللقاحات – وما انعكس منها على الأنظمة الصحية الدولية للآن.
يُذكر أن الحصان “جيم” كان يجر عربة الإسعاف في المدينة بكل تفانٍ قبل الواقعة ولم يطلب من أحد التبرع بدمه، إلا أنه تم التخلص منه بالموت الرحيم بعد تلك الفاجعة!
0