المقالات

المتنزهات الوطنية إبداع عانق السماء

انطلقت رؤية الخير والبناء ٢٠٣٠، في عام ٢٠١٦، تحمل في مضامينها شيئًا كثيرًا من التطوير والتحسين في جميع المجالات، وهدفت لبناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطنٍ طموحٍ وثاب؛ يتعامل مع العصر ومتغيراته بكلِّ احترافية؛ لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، بجميع أطيافه، وفي كافة مجالاته.
وبدعم غير محدودٍ، ومتابعة مستمرة، وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لاستثمار مكامن القوة ومصادرها في المملكة، وتحويلها لنقاطٍ انطلاقٍ؛ تعزز المكانة الدولية للمملكة في المحافل الدوليَّة وملتقياتها.
كما انبثقت هذه الرؤية الوثَّابة بمبادرة ومتابعة دقيقة في جميع برامجها، وشتى مناحيها؛ من فكر سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء؛ الأمير محمد بن سلمان؛ الذي أحاط بجميع تفاصيلها علمًا، وسبرها سبر العارف الخبير، ودفعها بعد ذلك لتحقيق متطلباتها وأهدافها؛ لإيمانه بأنها استشراف للمستقبل المبهر، ووضع المملكة بين مصاف العالم المتقدم.
فالسعودية الخضراء مبادرة جميلة، وهدف طموح، وتحدٍّ عال؛ يجعل الإنسان يشحذ كامل طاقاته وإمكاناته لتحقيق ذلك، والمساهمة في إيجاد وطنٍ يُسابق الزمن؛ محققًا رؤية خلاصتها: التطوير، والارتقاء بالإنسان، وتحقيق الرفاهية في شتى مجالاتها للمواطن والمقيم.
ما أجملك يا وطني وأنت تحمل هم البيئة، وتسهم في المحافظة عليها، وتحث الجميع ليكونوا عونًا للجهات ذات الاختصاص في إسعاد الناس؛ من خلال البيئة، وتنمية الغطاء النباتي، وأن يكون الجميع صديقًا للبيئة، وعاملًا نافعًا فيها؛ لنرى شرقًا أوسطَ أخضرَ.
وقد تعددت المبادرات الجميلة والنوعية في المحافظة على البيئة؛ بنوعيها: البيئي والحيوي؛ وكلها تسهم في إيجاد بيئة نظيفة خالية من التلوث؛ تسعد الناظرين، وتدفعهم للمساهمة والمشاركة في المحافظة عليها.
ومن بين هذه المبادرات: مبادرة المتنزهات الوطنية؛ وقد تجاوزت مفهوم المبادرة إلى كونها مشاريع بيئية، وتجارب جميلة؛ تميز وطننا بين سائر الأوطان، وتتناقلها الدول؛ للاستفادة من تجربة المملكة في مجال تنمية الغطاء النباتي، والمحافظة عليه.
كم من بيئةٍ دمرت؛ فضاق المكان بأهله، ولم يعد صالحًا للحياة، ولا الاستيطان البشري، بل أصبحت طاردة للإنسان.
عندما تتسع الفجوة بين الإنسان والبيئة، ويتفاقم التدمير، وتنتشر الملوثات؛ تشكل مصدرَ خطر على حياة البشر، ويختل التوازن البيئي الذي وضعه الله سبحانه وتعالى لعمارة الكون.
وحين نستشعر مسؤوليتنا تجاه البيئة والمحافظة عليها؛ ونعي أن هذا أمر حثَّ عليه ديننا الحنيف، ورتب الأجر والثواب على المحافظة عليه، وأنَّ إعمار هذا الكون وفق منهج الله سبحانه وتعالى لا يكون إلا بطاعته.
فالماء، والهواء، والتربة النظيفة، من العوامل البيئية الرئيسة المؤثرة على صحة الإنسان، وعلى بناء مجتمع حيوي، قادر على مقاومة الأمراض، والمحافظة على الصحة العامَّة.
وعليه؛ فلا بدَّ من تنمية الوعي بأهمية المحافظة على البيئة، والمشاركة والمساهمة الفاعلة في تبني السلوك الحضاري الذي يبنى على قيم الحياة الراشدة، واستبدال الممارسات الخاطئة والسلوكيات التي تضر بالبيئة بممارسات وسلوكيات صحيحة؛ تُعزز نشر الثقافة البيئية الصحيحة، وتبني الاتجاه الإيجابي نحو البيئة ومكوناتها.
ومتنزه جبلة الوطني؛ نموذج رائع وجميل لتحقيق التنمية المستدامة التي تسعى لها رؤية الملكة العربية السعودية ٢٠٣٠؛ في مستهدفاتها ومبادراتها، وتضطلع بذلك وزارة البيئية والمياه والزراعة التي تشرف على مجال حيويٍ يتعلق بالبيئة التي يعيش فيها الإنسان، وتمده بالطاقة والهواء النظيف، وتهيئ له الجوَّ الماتع المبهج بخضرته التي تسرُّ الناظرين.
إن جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ جهود تستحق الإشادة، وإن كان هذا المقال لا يتَّسع لذكرها وتعدادها؛ لتنوعها، وجودتها؛ فهي عديدة ونوعية؛ أصبح الجميع يراها واقعًا معاشًا؛ من خلال تنقلاتهم في زيارة تلك المحميات، والفياض الجميلة، والرياض المونقة.
إن متنزه جبله الوطني؛ يضم -كما لا يخفى- جَبَلَه الأغرَّ الأبيَّ؛ الذي جملته السُّحب البيضاء فزادته جمالًا وبهاءً وكذا رياضه المونقة، وفياضه المترعة؛ التي أسرت القلوب، وخلبت الأبصار، وأسعدت كل زائر ومتنزهِ قَدم إليها.
فسبحان من ساق السحاب بفضله على الروض بالأمطار والناس تنعم.
كأني بهذا الروض ناجى خليله .. من الحسن والإبداع كاد يكلَّمُ.
إن هذا المنتزه الذي تبلغ مساحته ٩٨ مليون متر مربع؛ يحده من الجهة الغرب: قرى ومراكز الجمش التابعة لمحافظة الدوادمي؛ التي امتدت إليها يد التنمية بأهدافها في تطوير وتحسين الخدمات.
إن المواطن والمقيم لا يكلّان ولا يملَّان من تقديم الشكر الجزيل، والثناء العطر النبيل؛ لجهود الإدارة العامة للمتنزهات الوطنية؛ ممثلة في فريق الحراسات بمتنزه جبلة؛ تلك الجهود الجبارة المميزة في المحافظة على الغطاء النباتي؛ أشجاره وشجيراته، ورياضه الخضراء، وشلالاته المتدفقة؛ التي تناجي الجميع قائلة بلسان الحال: حافظوا على تدفقي؛ لاستمر في العطاء والإسعاد، ولا تقتلوني بإهمالكم، فما ذهب قلَّ أن يعود.
إن ما تحققه هذه المنتزهات الوطنية من جودة الحياة، ورفاهية الناس؛ ترجمة لا شكَّ فيها لأحد أهداف الرؤية ٢٠٣٠؛ فشكر الله كل من كان سببًا في ذلك، وأمدَّهم بعونه، وزادهم تسديدًا وتوفيقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى