المقالات

الوسواس القهري ومُحرك “جوجل”!

يُعرف الوسواس القهري بكونه ناجمًا عن تكرار في نمط الأفكار – البعض منها عبارة عن مخاوف ووساوس – بشكل مستمر مُزعج للمريض، مما يدفعه إلى القيام بسلوكيات تكرارية قهرية، قد تُعيقه عن ممارسة حياته الطبيعية، وتجعله سجين حلقة مفرغة من السلوك الطقوسي في محاولة بائسة للخروج من هذا الوسواس الفكري.

فيجد المريض نفسه يقوم بالالتزام بروتين حياتي صارم؛ فمثلًا يتأكد أكثر من مرة من إغلاقه الباب عند خروجه، ويتوضأ ثلاث مرات قبل الصلاة من باب التأكيد، ويغسل يده عدة مرات – إلى أن تدمي يده – خوفًا من الجراثيم بل وقد يتجنب المصافحة كليًا خوفًا من المرض. يُذكر أن من مسببات المرض الصدمة النفسية أو اضطرابات سلوكية بسبب التوتر المُفرط.

ومع كل ما يُقدمه مُحرك “جوجل” البحثي العظيم في حاضرنا من توفير شتى المعلومات عن أي مما يُطلب منه، إلا أن ذلك يُمثل سلاحًا ذا حدين؛ خاصةً لذوي الوسواس القهري، أذكر لكم مثلًا عن ذلك أدناه:

أذكر موقفًا لي مع أحد المرضى الزائرين لعيادة طب الفم في المستشفى الجامعي بـ”لندن” خلال فترة دراستي هناك، قد كان يشتكي من لون لسانه الذي يبدو له – وبحسب ما قرأ في نتائج محرك “جوجل” – من علامات سرطان اللسان ويرغب في علاج لون لسانه. فبعد الكشف عليه وشرحي له أنه لا يبدو على لسانه أي علامات غير اعتيادية، وأنه لا يشكو من شيء من ذلك القبيل، بدأ في الانفعال الشديد، وكاد أن ينهض من كرسي الكشف والهجوم عليَّ، ولأني قرأت ملفه الطبي قبل الموعد والذي يشرح أنه مشخص إكلينيكيًا بالوسواس القهري، قمت بتهدئته قدر الإمكان واستقدمت أحد البروفيسورات بالعيادة للتعامل معه، ليس فقط لأن المريض قد كان عريض المنكبين والفكين – فحسب – ولكن لرفقي به وبوضعه الصحي.

يُعرف الوسواس القهري بأنه من الأمراض النفسية التي بالإمكان الشفاء منها، إلا أن طلب الاستشارة الطبية من محركات البحث لا يُنصح به بتاتًا؛ لأنها قد تكون من مصادر غير موثوقة أو خاطئة وغير متوافقة مع الاحتياجات الفردية لكل مريض، لذا المرجو فقط الأخذ برأي واستشارة طبيب مختص عند الحاجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى