ليس عجبًا، ولا مستغربًا أن تفوز المملكة العربية السعودية باستضافة إكسبو 2030 بمدينة الرياض.
إنها لجديرة باستضافة هذا الحدث العالمي؛ كونها الدولة الوحيدة التي تتجه لها قلوب وأفئدة ملياري مسلم خمس مرات كل يوم وليلة، ويفد إليها ملايين البشر للعمرة والحج والزيارة في كل عام، بل وتتجه لها الأنظار من جميع أنحاء العالم عند حدوث الكوارث والأزمات والخلافات؛ كونها صاحبة القرار في حل تلك المشكلات وفق رؤية حكيمة وإرادة قوية تستلهم ذلك من عقيدتها السمحة التي تدعو للسلام، وتنبذ الشر والطغيان، وتنشر الأمن والأمان في كل زمان ومكان.
إنها السعودية العُظمى التي حباها الله تعالى هذه المكانة العظيمة بأن جعلها موئلًا ومثابةً للناس بوجود بيته العظيم في ثراها، ومهبط الوحي على رسوله الكريم في أقدس وأطهر بقاعها، وانطلاق الدعوة الإسلامية من رحاب مقدساتها الطاهرة إلى كافة أرجاء العالم بنور الإسلام؛ ليخرج الناس من ظُلمات الجهل والشرك والطغيان إلى نور الإيمان والهداية والخير والصلاح في جميع أنحاء الأرض.
لا غرابة لدولة تستقي قيمها وأخلاقها من دستورها القرآن الكريم الذي يدعو إلى التعارف والتآلف وتبادل المصالح مع الغير من خلال هذا التوجيه الرباني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(الحجرات: 13)
فيخبر تعالى أنه خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله [تعالى] بث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، وفرقهم، وجعلهم شعوبًا وقبائل أي: قبائل صغارًا وكبارًا، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، ولكن الله تعالى عليم خبير، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله، ظاهرًا وباطنًا، ممن يقوم بذلك، ظاهرًا لا باطنًا، فيجازي كلًا، بما يستحق.” (السعدي).
وقد حبا الله تعالى هذه البلاد المباركة من النعم الكثيرة التي منَّ بها عليها، ولعل من أهم تلك النعم أن سخر الله لها قادة أوفياء منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى – الذي وحد البلاد والعباد على راية التوحيد، وجعل همه خدمة الدين والوطن والاهتمام بالمواطن في كل شؤونه في كافة المجالات، وكان هذا المنهج القويم، والنظرة الثاقبة تؤسس لكيان يتفرد بتلك اللحمة الوطنية بين القائد والشعب، فتوحدت هذه البلاد كأسرة واحدة في الرخاء والشدة، والعسر واليسر، وقد منَّ الله تعالى على هذه البلاد المباركة من بعد المؤسس بقادة أوفياء واصلوا البناء والعطاء، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل مواصلة تلك الريادة التي تتفرد بها على مستوى العالم.
وإن المتتبع لما تبذله حكومتنا الرشيدة منذ تأسيسها حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك الحزم والعزم وولي عهده الأمين الأمير الطموح محمد بن سلمان؛ يقف متفاخرًا أمام تلك الجهود والمنجزات التي يصعب حصرها، ويضيق المقام لذكرها، ولكنها ماثلة للعيان أمام العالم أجمع؛ مما جعل التصويت بفارق كبير لصالح السعودية العُظمى لاستضافة المعرض العالمي “إكسبو 2030” بمدينة الرياض عاصمة القرار العالمي، والتي تتجه لها أنظار شعوب العالم بحمد الله تعالى وتوفيقه.
كتبه: د. فايز الأحمري