المقالات

أدب العمالقة !

حينما يتوغل الأدب من قلب الأديب يصنع منه مخلوقًا لا يُشبه الناس !

يتحوَّل الأديب الراقي في لحظةٍ ما إلى جُسيمات من البلور، وإن شئت فقُل قطعة من نور !

شوقي “أمير الشعراء” وحافظ إبراهيم “شاعر النيل” كانا مثالًا لأجمل ما قيل من النظم في القرن العشرين ..

اشتهر العملاقان بمناكفاتهما وتورياتهما وتنكيلهما “اللذيذ” ببعضهما البعض !

تندر حافظ يومًا بشوقي فقال :

يقولون إن الشوق نار ولوعة

فما بال شوقي أصبح اليوم باردًا !

فما كان من الشاعر أحمد شوقي إلا أن رد عليه قائلًا:

وأودعت إنسانًا وكلبًا وديعةً

فضيَّعها الإنسان والكلب حافظ!

ورغم هذه المُشاكسات العابرة؛ فإنه لم يكن لها أن تنال من عُمق المحبة والتقدير والإكبار المتبادل بين هذين الجبلين !

توفي “حافظ” قبل “شوقي” رغم أن “شوقي” أكبر منه، فخلَّد التاريخ لـ”شوقي” أبيات رثاء في صديقه الراحل، صاغ فيها أجمل ما ورد من شعر المرحلة ومنها :

قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائي يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُلُّ طولِ سَلامَةٍ قَدَرٌ وَكُلُّ مَنِيَّةٍ بِقَضاءِ
الحَقُّ نادى فَاِستَجَبتَ وَلَم تَزَل بِالحَقِّ تَحفِلُ عِندَ كُلِّ نِداءِ
وَأَتَيتَ صَحراءَ الإِمامِ تَذوبُ مِن طولِ الحَنينِ لِساكِنِ الصَحراءِ
فَلَقيتُ في الدارِ الإِمامَ مُحَمَّدًا في زُمرَةِ الأَبرارِ وَالحُنَفاءِ
أَثَرُ النَعيمِ عَلى كَريمِ جَبينِهِ وَمَراشِدُ التَفسيرِ وَالإِفتاءِ
فَشَكَوتُما الشَوقَ القَديمَ وَذُقتُما طيبَ التَداني بَعدَ طولِ تَنائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى